للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْيَهُودِيَّةِ الَّتِي سَمَّتْهُ بِخَيْبَرَ لَمَّا مَاتَ بِشْرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُضَيِّفْهُمْ بَلْ أَرْسَلَتْ بِهِ إلَيْهِمْ، وَبِفَرْضِ التَّضْيِيفِ فَالرَّسُولُ فِعْلُهُ قَطَعَ فِعْلَهَا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَبِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ فَعَدَمُ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ هُنَا بِخِلَافِهَا مَعَ الْيَهُودِيِّ السَّابِقِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهَا لِنَقْضِهَا الْعَهْدَ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي آخِرَ الْجِزْيَةِ لَا لِلْقَوَدِ، وَتَأْخِيرُهُ لِمَوْتِ بِشْرٍ بَعْدَ الْعَفْوِ لِتَحَقُّقِ عِظَمِ الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا يَلِيقُ بِهَا الْعَفْوُ حِينَئِذٍ لَا لِيَقْتُلَهَا إذَا مَاتَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا دَلِيلَ فِيهَا (وَفِي قَوْلٍ: لَا شَيْءَ) تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّ تَغْلِيبِهَا حَيْثُ اضْمَحَلَّ السَّبَبُ مَعَهَا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا أَمَّا إذَا عَلِمَ فَهَدَرٌ لِإِهْلَاكِهِ نَفْسَهُ (وَلَوْ) (دَسَّ سُمًّا) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (فِي طَعَامِ شَخْصٍ) مُمَيِّزٍ أَوْ بَالِغٍ عَلَى مَا مَرَّ (الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلًا) بِالْحَالِ (فَعَلَى الْأَقْوَالِ) فَعَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى الْأَظْهَرِ لِمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: فِي طَعَامِ شَخْصٍ مَا لَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ آخَرُ عَادَتُهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ هَدَرًا، وَزَادَ عَلَى أَصْلِهِ الْغَالِبَ أَكْلُهُ تَبَعًا لِلشَّرْحَيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْأَكْثَرُونَ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ لِيَأْتِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ أَكْلُهُ مِنْهُ نَادِرًا فَيَكُونُ هَدَرًا، وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَفِيهِ سُمٌّ فَأَكَلَهُ، وَمَاتَ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ أُكْرِهَ آخَرُ عَلَى شُرْبِهِ وَهُوَ جَاهِلٌ كَوْنَهُ سُمًّا فَشَرِبَهُ وَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، بِخِلَافِ الْعَالِمِ بِذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ جَهْلَهُ بِكَوْنِهِ سُمًّا وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي التَّأْثِيرِ بِضَعْفِ تَأْثِيرِهِ بِالدِّيَةِ (قَوْلُهُ: لِلْيَهُودِيَّةِ) أَيْ لَا دَلِيلَ فِي قَتْلِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ

(قَوْلُهُ: الَّتِي سَمَّتْهُ) أَيْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا دَلِيلَ

(قَوْلُهُ: فَالرَّسُولُ) أَيْ الَّذِي أَرْسَلَتْهُ بِالشَّاةِ

(قَوْلُهُ: قَرِينَةٌ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَقْتُلْهَا بِمِثْلِ السُّمِّ الَّذِي قَتَلَتْ بِهِ فَسَيَأْتِي لَهُ أَنَّ لَهُ قَتْلَهُ بِمِثْلِ السُّمِّ الَّذِي قَتَلَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهَرِّيًا يَمْنَعُ الْغَسْلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا لَمْ يَكُنْ مُهَرِّيًا وَمِنْ ثَمَّ تَأَخَّرَ مَوْتُ بِشْرٍ مُدَّةً عَنْ أَكْلِ السُّمِّ

(قَوْلُهُ: لِنَقْضِهَا الْعَهْدَ) أَيْ لَا لِكَوْنِهَا ضَيَّفَتْ بِالْمَسْمُومِ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَتْلِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا دَلِيلَ فِيهَا) ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ إمَامِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ وَقَائِعَ الْأَحْوَالِ إذَا تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال (قَوْلُهُ: سُمًّا بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ) لَكِنْ الْأَفْصَحُ الْفَتْحُ وَيَلِيهِ الضَّمُّ وَأَرْدَؤُهَا الْكَسْرُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ الْحَلِيمِيُّ فِي حَوَاشِي الشِّفَاءِ

(قَوْلُهُ: مُمَيِّزٍ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي قح لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ هَلْ هُوَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ ضَيَّفَهُ انْتَهَى.

وَمَفْهُومُ الشَّارِحِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ

(قَوْلُهُ: فَأَكَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ لَهُ مِنْ صَاحِبِ الطَّعَامِ، وَمِنْ التَّقْدِيمِ، وَضْعُ السُّفْرَةِ بِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ تَقْضِي الْعَادَةُ فِيهِ بِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الْأَكْلِ لِتَغْرِيرِهِ بِهِ عُرْفًا، أَمَّا لَوْ وَضَعَهَا غَيْرُهُ كَخَادِمِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَاضِعِ دُونَ الْمَالِكِ، وَلَوْ بِأَمْرِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَقْدِيمَ الرَّسُولِ قَطَعَ فِعْلَ الْيَهُودِيَّةِ

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَدَرَ أَكْلَهُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ سُمٌّ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَائِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا دِيَةَ) أَيْ وَلَا كَفَّارَةَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الشَّارِبُ

(قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقِصَاصُ) أَيْ عَلَى الْمُكْرِهِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَالِمِ) أَيْ الشَّارِبِ الْعَالِمِ

(قَوْلُهُ: صَدَقَ) أَيْ وَعَلَيْهِ دِيَةُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَلَيْهِ دِيَةَ خَطَأٍ، ثُمَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَجْلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَزَادَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَفِيهِ سُمٌّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَوْ قَالَ لِعَاقِلٍ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَفِيهِ سُمٌّ لَا يَقْتُلُ، فَأَكَلَهُ إلَخْ. فَقَوْلُهُ: لَا يَقْتُلُ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِنْ الْفَاءِ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضِ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِيهِ سُمٌّ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ) يَعْنِي: الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>