الْمُتَوَلِّي، أَوْ بِكَوْنِهِ قَاتِلًا وَجَبَ الْقِصَاصُ حَيْثُ كَانَ الْآكِلُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ مَا أَوْجَرَهُ مِنْ السُّمِّ يَقْتُلُ غَالِبًا، وَادَّعَى عَدَمَهُ وَجَبَ الْقَوَدُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَوْجَرَ شَخْصًا سُمًّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا فَالْقَوَدُ، وَكَذَا إكْرَاهُ جَاهِلٍ عَلَيْهِ لَا عَالِمٍ، وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا
(وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّ الْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنْ عَالَجَ.
وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَكَ عَصَبَ الْفَصْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ، وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ الْخِتَانِ حُكْمُ تَوَلُّدِ الْهَلَاكِ مِنْ فِعْلِ الطَّبِيبِ (وَلَوْ) (أَلْقَاهُ) أَيْ الْمُمَيِّزُ الْقَادِرُ عَلَى الْحَرَكَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (فِي مَاءٍ) جَارٍ أَوْ رَاكِدٍ وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي أَرَادَ بِهِ التَّمْثِيلَ (لَا يُعَدُّ مُغْرِقًا) بِسُكُونِ غَيْنِهِ (كَمُنْبَسِطٍ) يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ عَادَةً (فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا) مَثَلًا مُخْتَارًا لِذَلِكَ (حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ) لَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ لِنَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي تَرِكَتِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا مَثَلًا فَعَمْدٌ (أَوْ) فِي مَاءٍ (مُغْرِقٍ) لِمِثْلِهِ (لَا يَخْلُصُ مِنْهُ) عَادَةً كَلُجَّةٍ وَقْتَ هَيَجَانِهَا فَعَمْدٌ مُطْلَقًا أَوْ (إلَّا بِسِبَاحَةٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ عَوْمٍ (فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ) مَعَ إحْسَانِهَا (مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا) أَوْ ضَعِيفًا فَهَلَكَ (فَعَمْدٌ) لِصِدْقِ حَدِّهِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ (وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا) وَهُوَ يُحْسِنُهَا (عَارِضٌ) بَعْدَ الْإِلْقَاءِ (كَرِيحٍ وَمَوْجٍ) فَمَاتَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) أَوْ قَبْلَهُ فَعَمْدٌ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَهُ فِيهِ مَعَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ مُهْلِكٌ غَالِبًا (وَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتَرَكَهَا) خَوْفًا أَوْ عِنَادًا (فَلَا دِيَةَ) وَلَا كَفَّارَةَ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ لِنَفْسِهِ، إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الدَّهْشَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالثَّانِي يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمْنَعُهُ مِنْ السِّبَاحَةِ دَهْشَةٌ وَعَارِضٌ بَاطِنٌ (أَوْ) أَلْقَاهُ (فِي نَارٍ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ) مِنْهَا (فَمَكَثَ) (فَفِي) وُجُوبِ (الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا لَا (وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ) الْمَاءِ وَالنَّارِ (وَفِي النَّارِ) وَكَذَا الْمَاءُ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَوَيَا فِي جَمِيعِ التَّفَاصِيلِ الْمَذْكُورَةِ (وَجْهٌ) بِوُجُوبِهِ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ دَوَاءُ جُرْحِهِ، وَيُرَدُّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ بِالْوُثُوقِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
رَأَيْت ابْنَ عَبْدِ الْحَقِّ اقْتَصَرَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْمُؤَجِّرُ
(قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَوَدُ) عَمَلًا بِالْبَيِّنَةِ
(قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ
(قَوْلُهُ: فَشِبْهُ عَمْدٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ صَبِيًّا
(قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ بَالِغًا عَاقِلًا
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْمُكْرِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: لَا عَالِمٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ) أَيْ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْجُرْحِ
(قَوْلُهُ: بِسُكُونِ غَيْنِهِ) لَعَلَّهُ فِي ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَتَعَيَّنُ السُّكُونُ بَلْ يَجُوزُ الْفَتْحُ مَعَ التَّشْدِيدِ، فَفِي الْمُخْتَارِ أَغْرَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُغَرَّقٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ظَنَّ الْمُلْقَى مِنْهُ أَنَّهُ يُحْسِنُهَا، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عِلْمٌ بِصِفَةِ الْفِعْلِ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِ السُّمِّ يَقْتُلُ غَالِبًا أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ قِصَاصٌ بَلْ تَجِبُ فِيهِ دِيَةُ خَطَأٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ.
[فَرْعٌ]
لَوْ أَمَرَ صَغِيرًا يَسْتَقِي لَهُ مَاءً فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هَدَرٌ وَإِلَّا ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الْآمِرِ، وَلَوْ قَرَصَ مَنْ يَحْمِلُ: أَيْ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ دَابَّةٍ رَجُلًا فَتَحَرَّكَ وَسَقَطَ الْمَحْمُولُ فَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى الرَّمْيِ انْتَهَى وَالِدُ الشَّارِحِ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَتْهُ) أَيْ لَزِمَتْ مَنْ أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصَ فَتَرَكَهُ الْكَفَّارَةُ لِقَتْلِهِ نَفْسَهُ
(قَوْلُهُ: وَعَارَضَ بَاطِنٌ) أَيْ خَفِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهُ فِي نَارٍ) .
[فَرْعٌ]
أَوْقَدَتْ امْرَأَةٌ نَارًا وَتَرَكَتْ وَلَدَهَا عِنْدَهَا الصَّغِيرَ وَذَهَبَتْ فَقَرُبَ مِنْ النَّارِ وَاحْتَرَقَ بِهَا، فَإِنْ تَرَكَتْهُ بِمَوْضِعٍ تُعَدُّ مُقَصِّرَةً بِتَرْكِهِ فِيهِ ضَمِنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا، هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهُوَ حَسَنٌ م ر انْتَهَى قح، وَالضَّمَانُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْآكِلُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ) يُحَرَّرُ وَيُرَاجَعُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: الْأَكْلُ الْمُنَاسِبُ الشَّارِبُ أَوْ الْمُتَنَاوِلُ