للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَا لَا ثَمَّ، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْخَلَاصُ لِعِظَمِهَا أَوْ نَحْوِ زَمَانَةٍ فَيَجِبُ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ الْمُلْقِي: كَانَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ فَأَنْكَرَ الْوَارِثُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَالْمَاءُ وَالنَّارُ مِثَالٌ، وَلَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا أَوْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْحَرَكَةِ بِالسَّاحِلِ فَزَادَ الْمَاءُ وَأَغْرَقَهُ، فَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ تُعْلَمُ زِيَادَتُهُ فِيهِ غَالِبًا فَعَمْدٌ أَوْ نَادِرًا فَشِبْهُهُ أَوْ لَا يُتَوَقَّعُ زِيَادَةٌ فِيهِ فَاتَّفَقَ سَيْلٌ نَادِرٌ فَخَطَأٌ

(وَلَوْ) (أَمْسَكَهُ) شَخْصٌ (فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا) وَلَوْ عُدْوَانًا (فَرَدَاهُ فِيهَا آخَرُ) وَالتَّرْدِيَةُ تَقْتُلُ غَالِبًا (أَوْ) (أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ) أَيْ مَكَان عَالٍ (فَتَلَقَّاهُ آخَرُ) بِسَيْفٍ (فَقَدَّهُ) بِهِ نِصْفَيْنِ مَثَلًا (فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ) الْأَهْلِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ وَالْمُلْقِي لِخَبَرٍ فِي الْمُمْسِكِ صَوَّبَ الْبَيْهَقِيُّ إرْسَالَهُ وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ وَلِقَطْعِ فِعْلِهِ إثْرَ فِعْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرُ قَوَدٌ عَلَى الْحَافِرِ لَكِنْ عَلَيْهِمْ الْإِثْمُ وَالتَّعْزِيرُ بَلْ وَالضَّمَانُ فِي الْقِنِّ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَقَرَارُهُ عَلَى الْقَاتِلِ.

أَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ كَمَجْنُونٍ أَوْ سَبُعٍ ضَارٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ، وَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ بِبِئْرٍ أَسْفَلُهَا ضَارٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ، وَإِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُ الضَّمَانُ الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ أُولَئِكَ فَإِنَّهُمْ مَعَ الضَّرَاوَةِ يَكُونُونَ آلَةً لَا مَعَ عَدَمِهَا، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُ صَبِيٍّ لِهَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمُ رَامٍ حَيْثُ يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْمُقَدِّمِ دُونَ الرَّامِي؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ، بَلْ إنْ كَانَ التَّقْدِيمُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَعَلِمَهُ الرَّامِي فَهُوَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الرَّامِي فَقَطْ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُقَدِّمَ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ (وَلَوْ) (أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ) لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ فَقَدَّهُ مُلْتَزِمُ قَتْلٍ فَقَطْ لِقَطْعِهِ إثْرَ الْإِلْقَاءِ أَوْ حَرْبِيٌّ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُلْقِي لِمَا مَرَّ آنِفًا أَوْ (فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ) قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ ضَرَاوَتَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا الْتَقَمَ فَإِنَّمَا يَلْتَقِمُ بِطَبْعِهِ فَلَا يَكُونُ إلَّا ضَارِيًا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ (وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ جَهِلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ حِينَئِذٍ يَغْلِبُ فِيهِ الْهَلَاكُ فَلَا نَظَرَ لِلْمُهْلِكِ كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ بِبِئْرٍ فِيهَا نَصْلٌ مَنْصُوبٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَهُ دَفْعًا خَفِيفًا فَوَقَعَ عَلَى سِكِّينٍ لَا يَعْلَمُهَا فَعَلَيْهِ دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ.

وَالثَّانِي وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ الرَّبِيعِ مِنْ صُورَةِ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِدِيَةِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ النَّارِ، وَقَوْلُهُ لَا ثَمَّ: أَيْ فِي مُدَاوَاةِ الْجُرْحِ

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْعَادَةِ أَنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا التَّصْدِيقَ، وَلَمْ يَقُولُوا مَعَهُ بِلَا يَمِينٍ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى التَّصْدِيقِ بِالْيَمِينِ وَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّخَلُّصِ لَا عَلَى أَنَّ الْمُلْقِيَ قَتَلَهُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ دَعْوَاهُ عَدَمُ الْمَقْدِرَةِ

(قَوْلُهُ: وَالتَّرْدِيَةُ) أَيْ وَالْحَالُ

(قَوْلُهُ: أَيْ مَكَان عَالٍ) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ، وَإِلَّا فَالشَّاهِقُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ الْجَبَلُ الْمُرْتَفِعُ: أَيْ وَالْإِلْقَاءُ مِنْهُ يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: كَمَجْنُونٍ) حَالٌ مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ فَيَخْرُجُ بِهِ الْحَرْبِيُّ الْآتِي

(قَوْلُهُ: وَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْحَافِرِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ قَوَدٌ عَلَى الْحَافِرِ، وَقَوْلُهُ: ضَارٍ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالسَّبُعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي ضَارٍ مِنْ سَبُعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ) أَيْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُلْقِي

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُ) أَيْ الْمُمْسِكِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يَكُونُونَ آلَةً) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمَجْنُونُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ضَارِيًا وَيُهْدَرُ الْمَقْتُولُ عِنْدَ قَتْلِ الْحَيَّةِ أَوْ السَّبُعِ لَهُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُمْسِكِ، وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ (قَوْلُهُ: فَقَدَّهُ) أَيْ مَثَلًا

(قَوْلُهُ: مُلْتَزِمٌ) أَيْ لِلْأَحْكَامِ

(قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُلْقِي) أَيْ وَلَا عَلَى الْحَرْبِيِّ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْمُلْقِي

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ) أَيْ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ) أَيْ صَحَّحَ أَنَّهُ مُسْنَدٌ لَا مُرْسَلٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَيْهِمْ الْإِثْمُ وَالتَّعْزِيرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْحَافِرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَافِرِ كَمَا لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>