للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَتْحِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ نَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا وَجَبَ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ قَطْعًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْمُضْطَرِّ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يُبِيحُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) لِنَحْوِ خَطَأٍ أَوْ عَدَمِ مُكَافَأَةٍ أَوْ عَفْوٍ، وَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْمُخْطِئِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ (وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا) بِالسَّوِيَّةِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْقَتْلِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا اُخْتُصَّتْ بِالْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قِنَّهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ شَيْءٌ بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ (فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ) كَأَنْ أَكْرَهَ حُرٌّ قِنًّا أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلِ قِنٍّ (فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَافِئِ مِنْهُمَا، وَهُوَ الْمَأْمُورُ فِي الْأَوَّلِ وَالْآمِرُ فِي الثَّانِي، وَلِلْوَلِيِّ تَخْصِيصُ أَحَدِ الْمُتَكَافِئَيْنِ بِالْقَتْلِ وَأَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ الْآخَرِ (وَلَوْ) (أَكْرَه بَالِغٌ) عَاقِلٌ مُكَافِئٌ (مُرَاهِقًا) أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلٍ فَفَعَلَهُ (فَعَلَى الْبَالِغِ) الْمَذْكُورِ (الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ) وَالْمَجْنُونِ (عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) إنْ كَانَ لَهُمَا فَهْمٌ، فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِحَالٍ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ (وَلَوْ) (أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلِمَ الْمُكْرِهُ) بِالْكَسْرِ (أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ) بِالْفَتْحِ (صَيْدًا فَرَمَاهُ) فَمَاتَ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ مَعَهُ كَالْآلَةِ؛ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ارْتِكَابُ حُرْمَةٍ وَلَا قَصْدُ فِعْلٍ مُمْتَنِعٍ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَالْآلَةِ لَهُ.

وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرَهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، وَرُدَّ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ ظَنَّ السَّيِّدَ مَثَلًا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ الْآمِرِ، وَيُفَرَّقُ بِتَغْلِيظِ أَمْرِ الْقَتْلِ وَالزَّجْرِ عَنْهُ بِتَضْمِينِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَرَارًا انْتَهَى.

وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْإِبَاحَةِ الَّتِي لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهَا التَّخْيِيرُ أَشْكَلَ فَإِنَّهُ يُنَافِي الْوُجُوبَ بَدَاهَةً فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنَّ الْفِعْلَ لَيْسَ مُحَرَّمًا فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ وَاجِبًا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ نَبِيًّا) وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْعَالِمُ وَالْوَلِيُّ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ

(قَوْلُهُ: قَطْعًا) أَيْ لِحُرْمَةِ النَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ فِدَاؤُهُ بِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ) أَيْ فِي الْمُضْطَرِّ

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ) وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قِنَّهُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ كَأَنْ أَكْرَهَ قِنٌّ حُرًّا، وَقَوْلُهُ عَلَى قَتْلِ قِنٍّ مُتَعَلِّقٌ بِالصُّورَتَيْنِ فَيُقْتَلُ الْقِنُّ فِيهِمَا آمِرًا كَانَ أَوْ مَأْمُورًا

(قَوْلُهُ: أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قِصَاصَ) أَيْ وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ خَطَأَهُ) أَيْ الْمُكْرَهِ

(قَوْلُهُ: نَتِيجَةُ) جَوَابٌ عَنْ تَمَسَّكَ بِهِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، وَهُوَ لَا يُقْتَلُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ خَطَأَهُ لَمَّا نَشَأَ مِنْ إكْرَاهِ الْمُتَعَمِّدِ أُلْغِيَ بِالنَّظَرِ لِلْمُكْرَهِ وَاعْتُبِرَ كَوْنُهُ آلَةً لَهُ. (تَنْبِيهٌ)

لَا يُبِيحُ الْإِكْرَاهُ الْقَتْلَ الْمُحَرَّمَ لِذَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ كَنِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ، وَكَذَا لَا يُبِيحُ الزِّنَا وَاللِّوَاطَ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِمَا أَمْكَنَهُ، وَيُبَاحُ بِهِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ وَالْخُرُوجُ مِنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَيُبَاحُ بِهِ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ كُفْرٌ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ، وَعَلَى هَذَا فَأَوْجُهٌ أَصَحُّهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يَثْبُتَ وَلَا يَنْطِقَ بِهَا.

وَالثَّانِي الْأَفْضَلُ مُقَابِلُهُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ.

وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ الثُّبُوتُ وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْإِنْكَاءُ وَالْقِيَامُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْمُخْطِئِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَهِيَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ شَيْءٌ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَالْقِصَاصُ عَلَى السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا) كَأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُمَا فَهْمٌ) مِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ، وَهُوَ سَاقِطٌ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الشَّارِحِ وَكَأَنَّهُ قَيْدٌ لِكَوْنِ عَمْدِهِ عَمْدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>