للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْسَبُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ هُنَا هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ النَّافِي هُنَاكَ بِالْإِثْبَاتِ هُنَا وَيَذْكُرَ فَرْقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ اهـ.

وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُصَدَّقُ الْجَانِي مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَالثَّالِثُ يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ طُرُقٍ

(أَوْ) قَطَعَ (يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ) الْجَانِي (سِرَايَةً) لِلنَّفْسِ أَوْ أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَتَّى تَجِبَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ (وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا مُمْكِنًا) قَبْلَ مَوْتِهِ (أَوْ سَبَبًا) آخَرَ لِلْمَوْتِ وَقَدْ عَيَّنَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ أَوْ أَبْهَمَهُ وَأَمْكَنَ انْدِمَالٌ حَتَّى تَجِبَ دِيَتَانِ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) بِيَمِينِهِ لِوُجُوبِهِمَا بِالْقَطْعِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سُقُوطِهِمَا، وَالثَّانِي تَصْدِيقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ فَتَجِبُ دِيَةٌ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِقِصَرِ زَمَنِهِ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ، نَعَمْ لَوْ أَبْهَمَ السَّبَبَ، وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ وَادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ قَتَلَهُ اُعْتُبِرَ يَمِينُهُ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ فِعْلٍ مِنْهُ يَقْطَعُ فِعْلَهُ بِخِلَافِ دَعْوَى السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَمْ تَحْتَجْ لِيَمِينٍ كَمَا تَقَرَّرَ

(وَكَذَا لَوْ) (قَطَعَ يَدَهُ) وَمَاتَ (وَزَعَمَ) الْجَانِي (سَبَبًا) آخَرَ لِمَوْتِهِ غَيْرَ السِّرَايَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ سَوَاءٌ أَعَيَّنَ السَّبَبَ أَمْ أَبْهَمَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ نِصْفُ دِيَةٍ (وَ) زَعَمَ (الْوَلِيُّ سِرَايَةً) حَتَّى تَجِبَ كُلُّ الدِّيَةِ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ السِّرَايَةِ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا قَبْلَهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ تَارَةً يُعَارِضُهَا مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ إيجَابَ قَطْعِ الْأَرْبَعِ لِلدِّيَتَيْنِ مُحَقَّقٌ، وَشَكَّ فِي مُسْقِطِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ وَتَارَةً لَا يُعَارِضُهَا ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ هِيَ وَهُوَ مَا هُنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْجَانِي: مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَأَمْكَنَ صُدِّقَ لِدَفْعِ السِّرَايَةِ مَعَ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ أَيْ بِلَا يَمِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَوَجْهُ الثَّانِي احْتِمَالُ وُجُودِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ دِيَةٌ

(وَلَوْ) (أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ وَرُفِعَ الْحَاجِزُ) بَيْنَهُمَا (وَزَعَمَهُ) أَيْ الرَّفْعَ (قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ الْإِيضَاحِ لِيَقْتَصِرَ عَلَى أَرْشٍ وَاحِدٍ وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك ثَلَاثَةُ أُرُوشٍ (صُدِّقَ) الْجَانِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَلَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ (إنْ أَمْكَنَ) عَدَمُ الِانْدِمَالِ بِأَنْ بَعُدَ الِانْدِمَالُ عَادَةً لِقِصَرِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْإِيضَاحِ وَالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ: أَيْ قَرُبَ احْتِمَالُهُ لِطُولِ الزَّمَنِ (حَلَفَ الْجَرِيحُ) أَنَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي قَطْعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ قَدَّ مَلْفُوفًا وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَبْهَمَ) أَيْ الْوَلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ وَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ ظَاهِرِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ دَعْوَى الْجَانِي السِّرَايَةَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ انْدِمَالٌ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا: فَإِنْ أَمْكَنَ فَسَيَأْتِي انْتَهَى: أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَأَمْكَنَ صُدِّقَ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ هَذَا) أَيْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ بِالسِّرَايَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ شَرْحُ رَوْضٍ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ لِوُجُوبِهِمَا بِالْقَطْعِ، وَالْأَصْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ صُدِّقَ) أَيْ الْجَانِي فَتَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: أَيْ قَرُبَ احْتِمَالُهُ لِطُولِ الزَّمَنِ) أَيْ فَحَاصِلُ الْمُرَادِ بِعَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ بَعْدَهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ تَصْدِيقِ الْجَانِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَتَصْدِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُخَالِفُ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: هُنَاكَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَدِّ فَإِنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ فِيهَا بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِقِصَرِ زَمَنِهِ) أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلِيُّ سَبَبًا آخَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَرِيحِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>