للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ إقَامَةِ مَنْصِبِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ

(وَلَوْ) (أَقَامُوا حَدًّا) أَوْ تَعْزِيرًا (أَوْ أَخَذُوا زَكَاةً وَجِزْيَةً وَخَرَاجًا وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ) صَحَّ لِاعْتِقَادِهِمْ التَّأْوِيلَ الْمُحْتَمَلَ فَأَشْبَهَ الْحُكْمَ بِالِاجْتِهَادِ،

وَلِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّعِيَّةِ

وَلِأَنَّ جُنْدَهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ، وَرُعْبُ الْكُفَّارُ قَائِمٌ بِهِمْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّكَاةُ مُعَجَّلَةً أَمْ لَا اسْتَمَرَّتْ شَوْكَتُهُمْ إلَى وُجُوبِهَا أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ الْمَارُّ، وَقِيَاسُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ مَمْنُوعٌ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ (وَفِي الْأَخِيرِ) وَهُوَ تَفْرِقَتُهُمْ مَا ذُكِرَ بَلْ فِيمَا عَدَا الْحَدِّ (وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِئَلَّا يَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَيْنَا

(وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالٍ) وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَتِهِ (ضَمِنَ) مُتْلَفَهُ نَفْسًا وَمَالًا، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا قَصَدَ أَهْلُ الْعَدْلِ التَّشَفِّيَ وَالِانْتِقَامَ لَا إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ، وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَقْرِ دَوَابِّهِمْ إذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَوَّزْنَا إتْلَافَ أَمْوَالِهِمْ خَارِجَ الْحَرْبِ لِإِضْعَافِهِمْ فَهَذَا أَوْلَى (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِي قِتَالٍ لِحَاجَتِهِ أَوْ خَارِجَهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ (فَلَا) ضَمَانَ لِأَمْرِ الْعَادِلِ بِقِتَالِهِمْ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يُطَالِبْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَيْءٍ نَظَرًا لِلتَّأْوِيلِ (وَفِي قَوْلٍ يَضْمَنُ الْبَاقِي) لِتَقْصِيرِهِ

وَلَوْ وَطِئَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ بِلَا شُبْهَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا حُدَّ وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ

(وَ) الْمُسْلِمُ (الْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ) لَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبُغَاةِ فَحِينَئِذٍ (يَضْمَنُ) مَا أَتْلَفَهُ وَلَوْ فِي الْقِتَالِ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَلِئَلَّا يُحَدِّثَ كُلُّ مُفْسِدٍ تَأْوِيلًا وَتَبْطُلُ السِّيَاسَاتُ (وَعَكْسُهُ وَهُوَ) (مُسْلِمٌ لَهُ شَوْكَةٌ) لَا بِتَأْوِيلٍ (كَبَاغٍ) فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لِمَا أَتْلَفَهُ فِي الْحَرْبِ أَوْ لِضَرُورَتِهَا لِوُجُودِ مَعْنَاهُ فِيهِ مِنْ الرَّغْبَةِ فِي الطَّاعَةِ لِيَجْتَمِعَ الشَّمْلُ وَيَقِلَّ الْفَسَادُ لَا فِي تَنْفِيذِ قَضَايَا وَاسْتِيفَاءِ حَقٍّ أَوْ حَدٍّ، أَمَّا مُرْتَدُّونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ فِيهَا كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِجَمْعٍ جَعَلُوهُمْ كَالْقُطَّاعِ مُطْلَقًا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ

وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قِتَالُ الْبُغَاةِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ (وَ) لَكِنْ (لَا يُقَاتِلُ الْبُغَاةَ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا) أَيْ عَدْلًا عَارِفًا بِالْعُلُومِ: أَيْ وَبِالْحُرُوبِ كَمَا لَا يَخْفَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَفَّذْنَاهُ: أَيْ وُجُوبًا

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ شَوْكَتِهِمْ إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا قَبَضُوهُ لِعَدَمِ تَأَهُّلِهِمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ لِقَبْضِهِ

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ الضَّمَانَ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَهِيَ إتْلَافُ الْعَادِلِ عَلَى الْبَاغِي

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُتْلِفُ وَغَيْرُهُ فِي أَنَّ التَّلَفَ وَقَعَ فِي الْقِتَالِ أَوْ فِي غَيْرِهِ صُدِّقَ الْمُتْلِفُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الضَّمَانِ.

[فَرْعٌ] مَا أَتْلَفَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ مَعْفُوًّا عَنْهُ لِلشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ مَا أَتْلَفَهُ الْحَرْبِيُّ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: لِأَمْرِ الْعَادِلِ) أَيْ أَهْلِ الْعَدْلِ

(قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ إنْ أَكْرَهَهَا) أَيْ أَوْ ظَنَّتْ جَوَازَ التَّمْكِينِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ لَهُ شَوْكَةٌ) وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ خُرُوجِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعِهِمْ لِنَهْبِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْوَالِ بَلْ هُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ (قَوْلُهُ: لَا فِي تَنْفِيذِ قَضَايَا) أَيْ فَلَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ قِتَالُ الْبُغَاةِ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إعَانَتُهُ مِمَّنْ قَرُبَ مِنْهُمْ حَتَّى تَبْطُلَ شَوْكَتُهُمْ

(قَوْلُهُمْ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا

(قَوْلُهُ: أَيْ وَبِالْحُرُوبِ) وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يُنَبِّهُهُمْ عَلَى مَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَرْبِ وَطُرُقِهِ لِيُوقِعَ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِهِمْ فَيَنْقَادُوا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مُتْلَفَهُ) يَقْتَضِي قِرَاءَةَ ضَمِنَ فِي الْمَتْنِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَفِيهِ إخْرَاجُ الْمَتْنِ عَنْ ظَاهِرِهِ

(قَوْلُهُ: فَهُمْ كَالْبُغَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ خَاصَّةً

(قَوْلُهُ: أَيْ عَدْلًا إلَخْ.) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ أَمِينًا أَيْ عَدْلًا فَطِنًا أَيْ ظَاهِرَ الْمَعْرِفَةِ بِالْعُلُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>