للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ أَوْ دُونَ، وَهُوَ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ كَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ بِجَامِعِ الطَّعْمِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَجَلَاءً وَخَفَاءً وَطُرُقَ اسْتِخْرَاجِ الْعِلَلِ وَالِاسْتِنْبَاطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ، بَلْ يَكْفِي الدَّرَجَةُ الْوُسْطَى فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ الْآنَ، وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ.

أَمَّا مُقَلِّدٌ لَا يَعْدُو مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ، وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ فِي نُصُوصِ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَصِّ إمَامِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ مَعَ النَّصِّ (فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ) أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا يَأْتِي فَذِكْرُ التَّعَذُّرِ تَصْوِيرٌ لَا غَيْرُ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ) أَوْ مَنْ (لَهُ شَوْكَةٌ) بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ، فَلَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ السُّلْطَانِ بِنَحْوِ أَسْرٍ وَحَبْسٍ وَلَمْ يُخْلَعْ نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يُوجَدْ مُقْتَضٍ لِلْخَلْعِ وَإِلَّا اُتُّجِهَ عَدَمُ تَنْفِيذِهَا (فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا) وَلَوْ جَاهِلًا (نَفَذَ قَضَاؤُهُ) الْمَرَافِقُ لِمَذْهَبِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ وَإِنْ زَادَ فِسْقُهُ (لِلضَّرُورَةِ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَلَوْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِوِلَايَةِ امْرَأَةٍ أَوْ قِنٍّ أَوْ أَعْمَى فِيمَا يَضْبِطُهُ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَلْحَقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّبِيَّ بِالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهَا لَا كَافِرٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْمُقَلِّدِ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ مُجْتَهِدٌ وَإِلَّا نَفَذَتْ تَوْلِيَةُ الْمُقَلِّدِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ ذِي الشَّوْكَةِ، وَكَذَا الْفَاسِقُ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَدْلٌ اُشْتُرِطَتْ شَوْكَةٌ وَإِلَّا فَلَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ انْعِزَالَ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ بِزَوَالِ شَوْكَتِهِ لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِنُفُوذِ قَضَائِهِ: أَيْ بِخِلَافِ مُقَلِّدٍ أَوْ فَاسِقٍ مَعَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِ وَالْعَدْلِ فَلَا تَزُولُ وِلَايَتُهُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى الشَّوْكَةِ كَمَا مَرَّ، وَيَلْزَمُ قَاضِي الضَّرُورَةِ بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِكَذَا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ فِيهِ وَكَأَنَّهُ لِضَعْفِ وِلَايَتِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفَارِقِ لِأَخْذِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ هُوَ مَا يُقْطَعُ فِيهِ بِانْتِفَاءِ الْمُفَارِقِ، وَالْمُسَاوِي مَا يَبْعُدُ فِيهِ الْقَطْعُ بِالِانْتِفَاءِ فَيَكُونُ الْفَرْقُ مُحْتَمِلًا فِي نَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَيْثُ بَعُدَ الْقَطْعُ بِانْتِفَاءِ الْفَارِقِ صَارَ الْفَرْقُ فِي نَفْسِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا) أَيْ الْخُلْعَ (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٍ) عَطْفٌ عَلَى امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ) أَيْ وَلَوْ بَدِيهِيَّةً، وَكَعْبٌ أَيْضًا حَفِظَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ) يَعْنِي الْفَارِقَ (قَوْلُهُ: مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي مُسْلِمٌ إلَخْ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا مَرَّ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ بِأُمُورِ الْعَقَائِدِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةَ فَلَيْسَ إحْسَانُهَا شَرْطًا فِي الْمُجْتَهِدِ: أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: نَفَذَتْ أَحْكَامُهُ) أَيْ وَمِنْهَا التَّوْلِيَةُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ حِينَئِذٍ لِغَيْرِ الْأَهْلِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفْعَلُوا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِمْ وَلَمْ يُخْلَعْ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَمْثَلِ) فِيهِ مَا يَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقَلَّدِ مَحَلَّهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ حَوَّلَهُ إلَى مَا مَرَّ فَلَا مَوْقِعَ لِهَذَا هُنَا.

وَحَاصِلُ الْمُرَادِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا وَلَّى قَاضِيًا بِالشَّوْكَةِ نَفَذَتْ تَوْلِيَتُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ هُنَاكَ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ أَمْ لَا، وَإِنْ وَلَّاهُ لَا بِالشَّوْكَةِ أَوْ وَلَّاهُ قَاضِي الْقُضَاةِ كَذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ فَقْدُ أَهْلٍ لِلْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بَيَانُ مُسْتَنَدِهِ) أَيْ إذَا سُئِلَ عَنْهُ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا، وَالْمُرَادُ بِمُسْتَنَدِهِ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْخَادِمِ: فَإِنْ سَأَلَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَنْ السَّبَبِ فَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ إذَا كَانَ قَدْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَيَمِينِ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ تَعْيِينٌ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مُقَابَلَتِهَا بِمِثْلِهَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>