ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا عُلِمَ تَأَخُّرُهُ وَإِلَّا فَمَا فَرَّعَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ مَدْخُولٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فَسَادٌ وَإِلَّا فَمَا أَفْرَدَهُ فِي مَحَلٍّ أَوْ جَوَابٍ وَإِلَّا فَمَا وَافَقَ مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ لِتَقَوِّيهِ بِهِ فَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَهُوَ لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ الْعِلْمِ وَشِدَّةِ الْوَرَعِ حَذَرًا مِنْ وَرْطَةِ هُجُومٍ عَلَى تَرْجِيحٍ مِنْ غَيْرِ وُضُوحِ دَلِيلٍ. وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُقَلِّدِ بَيْنَ قَوْلَيْ إمَامِهِ: أَيْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ لَا الْجَمْعِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ أَفْعَلَ، وَاسْتَثْنَيْت كَلِمَاتٍ مَسْمُوعَةٍ خَرَجَتْ عَنْ الْقِيَاسِ اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لَكِنْ فِي حَوَاشِي الشَّنَوَانِيِّ عَلَى شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ كَالْغَزِّيِّ عَلَى الْجَارْبُرْدِيِّ أَنَّ الْمَدْرَكَ بِفَتْحِ الْمِيمِ اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ) أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ) أَيْ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: مَدْخُولٌ) أَيْ فِيهِ دَخْلٌ أَيْ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ مُجْتَهِدٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ) أَيْ فَلَا يُنْسَبُ لِلْإِمَامِ تَرْجِيحٌ مِنْ ذَلِكَ الْخِلَافِ وَلَا يَقْدَحُ فِي شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ) أَيْ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَرْطَةِ هُجُومٍ إلَخْ) أَيْ فِي مَفْسَدَةِ هُجُومٍ، وَالْوَرْطَةُ لُغَةً الْهَلَاكُ. قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: الْوَرْطَةُ الْهَلَاكُ، وَأَوْرَطَهُ وَوَرَّطَهُ تَوْرِيطًا: أَوْقَعَهُ فِي الْوَرْطَةِ فَتَوَرَّطَ فِيهَا اهـ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ) أَيْ الْمَالِكِيُّ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إذَا ظَهَرَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مُسَامَحَةً، إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ أَعْنِي صَاحِبَ الْمَذْهَبِ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مَثَلًا الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَحَقُّ الْعِبَارَةِ وَمِنْ فَوَائِدِ نَقْلِ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ مُطْلَقَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ إلَخْ.
وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِيهِ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَالْمُتَأَخِّرُ قَوْلُهُ: إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا عُلِمَ تَأَخُّرُهُ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ شَرْحِ الْكِتَابِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَمَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ انْتَهَى.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا، فَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ: ثُمَّ الرَّاجِحُ مَا نُصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ أَصَابَ.
وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَأَخُّرُهُ، وَهُوَ لَا يَخْلُصُ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى؛ أَمَّا نَقْلًا، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ هُوَ مَنْقُولُ كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَالرَّوْضَةِ لِشَيْخِهِ وَغَيْرِهَا، وَكُتُبِ الْأُصُولِ كَجَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فِيهِمَا.
وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَإِنْ نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ مُتَعَاقِبَانِ فَالْمُتَأَخِّرُ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا، وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ أَقْوَى مِنْ التَّرْجِيحِ،؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إنَّمَا رَجَّحَ الْأَوَّلَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ كَالنَّسْخِ لِلْأَوَّلِ بِتَرْجِيحِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ أَقْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَالَ فِي الْمُتَقَدِّمِ إنَّهُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا صَنَعَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ الْمُوَافِقُ لِاعْتِرَاضِ الشِّهَابِ ابْنِ قَاسِمٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ أَجْمَعِينَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ مَدْخُولٌ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهُ إذَا فَرَّعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ إنَّهُ مَدْخُولٌ أَوْ يَلْزَمُ فَسَادُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ سَبَقَ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحُ) أَمَّا إذَا ظَهَرَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ، فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ لِنَفْسِهِ بِالْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ كَمُقَابِلِ الْأَصَحِّ غَيْرُ صَحِيحٍ، هَكَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا فِي قَوْلَيْنِ لِمُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُنْتَجُ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ إذَا تَعَدَّدَ قَائِلُهُمَا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ إلَخْ تَفْرِيعًا عَلَى مَا هُنَا فِي مَقَامِ الْمَنْعِ، وَقَوْلُهُمْ