للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ النِّيَّةَ وَنَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الْأُولَى أَوْ يَمْتَنِعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَطْعِهِ لِلنِّيَّةِ الْأُولَى؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَنَحْنَحَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى السَّهْوِ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فِي الْأَصَحِّ، وَمُقْتَضَاهُ الْبَقَاءُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى أَنَّ الْمُتَّجَهَ الِامْتِنَاعُ لِأَنَّ إفْسَادَ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّتُهُ لَا يُتَابِعُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ فِي الْأَثْنَاءِ بَعْدَ عَقْدِ الصِّحَّةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ.

عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ قَوْلُهُ فِي فَرْقِهِ إنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ صِحَّتَهُ.

وَلَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ كَبَّرَ لَهُ أَيْضًا بِنِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ النِّيَّةَ الْأُولَى بَلْ زَادَ عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ وَلَا تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ.

(وَمَنْ عَجَزَ) وَهُوَ نَاطِقٌ عَنْ إتْيَانِهِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّعَلُّمِ فِي الْوَقْتِ (تَرْجَمَ) حَتْمًا بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ مِنْ فَارِسِيَّةٍ وَسُرْيَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ وَغَيْرِهَا فَيَأْتِي بِمَدْلُولِ التَّكْبِيرِ بِتِلْكَ اللُّغَةِ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ، بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ لَا يُتَرْجِمُ عَنْهَا لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ (وَوَجَبَ التَّعْلِيمُ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ التَّكْبِيرُ وَالْفَاتِحَةُ وَالتَّشَهُّدُ وَمَا بَعْدَهُ وَلَوْ بِسَفَرٍ أَطَاقَهُ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ السَّفَرُ لِلْمَاءِ عَلَى فَاقِدِهِ لِدَوَامِ نَفْعِ هَذَا بِخِلَافِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ التَّعَلُّمِ إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُهَا فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ مَا دَامَ الْوَقْتُ مُتَّسَعًا، إذْ لَوْ جَازَتْ لَهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعَلُّمُ أَصْلًا لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى لَا يَلْزَمُهُ التَّعَلُّمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَفِي الْوَقْتِ الثَّانِي مِثْلُهُ، وَإِنَّمَا جَازَ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ تَيَقُّنِ الْمَاءِ آخِرَهُ لِأَنَّ وُجُودَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى لِحُرْمَتِهِ وَأَعَادَ كَكُلِّ صَلَاةٍ تَرَكَ التَّعَلُّمَ لَهَا مَعَ إمْكَانِهِ، وَإِمْكَانُهُ مُعْتَبَرٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ، وَفِي غَيْرِهِ يُتَّجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْ تَمْيِيزِهِ لِكَوْنِ الْأَرْكَانِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَنَوَى) عَطْفٌ عَلَى قَطَعَ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إفْسَادَ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ إفْسَادَ فِعْلٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّتُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ هُنَا شَكَّ فِي انْعِقَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ عَلَى احْتِمَالٍ فَلَا يُتَابِعُهُ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَحْنَحَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ مِنْهُ الصِّحَّةُ وَشَكَّ فِي الْمُبْطِلِ بِالْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، لَا يُقَالُ: هُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ هُنَا عَلِمَ الصِّحَّةَ بِنِيَّتِهِ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الْمُبْطِلِ بِالْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّ إتْيَانَهُ بِالثَّانِيَةِ لِعِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ فَسَادَ الْأُولَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ الصَّحِيحَةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الِافْتِتَاحَ بَعْدَ صِحَّةِ الْأُولَى فَتَبْطُلُ، وَلَعَلَّ مَا ذُكِرَ مِنْ السُّؤَالِ هُوَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْإِمَامُ فَقِيهًا: أَيْ فَلَا يَفْعَلُ مَا يُؤَدِّي لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ صِحَّتَهُ) أَيْ لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا صِحَّتَهُ بِالْأُولَى وَشَكَكْنَا فِي الْمُبْطِلِ (قَوْلُهُ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ) أَيْ إبْطَالَ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ) أَيْ النِّيَّةُ الْأُولَى (قَوْلُهُ كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ) أَيْ فَيَتَضَمَّنُ قَطْعَ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: تَرْجَمَ حَتْمًا بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ) أَيْ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ التَّرْجَمَةِ هَلْ يَنْتَقِلُ إلَى ذِكْرٍ آخَرَ أَوْ يَسْقُطُ التَّكْبِيرُ بِالْكُلِّيَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي. قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ جَوَازُ التَّفْرِقَةِ إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَدَّرْته عَلَى الذَّكَرِ قَبْلَ أَنْ تَمْضِيَ وَقْفَةٌ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَهَذَا غَيْرُ خَاصٍّ بِالْفَاتِحَةِ بَلْ يَطَّرِدُ فِي التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ اهـ يَقْتَضِي خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَفَرٍ أَطَاقَهُ) الظَّاهِرُ مِنْ أَطَاقَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرَّاحِلَةِ لِمَا فِي الْمَشْيِ مِنْ الْمَشَقَّةِ حَيْثُ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ كَمَا فِي الْحَجِّ، وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ فَيَجِبُ السَّفَرُ مَاشِيًا حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فَوْرِيَّةٌ، فَحَيْثُ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَجَبَ مُطْلَقًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ بِسَفَرٍ لَكِنْ إنْ وَجَدَ الْمُؤَنَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْحَجِّ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ هَذَا فَوْرِيٌّ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ يَظْهَرُ هُنَا إلَّا مَا قَالُوهُ ثَمَّ.

نَعَمْ لَوْ قِيلَ هُنَا يَجِبُ الْمَشْيُ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>