للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا انْحَلَّ مِنْهَا، سَوَاءٌ أُوقِعَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِإِيقَاعٍ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْوَرِقِ كَالْوَرْدِ أَمْ لَا (وَكَذَا مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) تَغَيُّرًا كَثِيرًا (كَعُودٍ وَدُهْنٍ) مُطَيَّبَيْنِ أَوْ غَيْرِ مُطَيَّبَيْنِ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ تَرَوُّحٌ لَا يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ.

وَالْكَافُورُ نَوْعَانِ صُلْبٌ وَغَيْرُهُ، فَالْأَوَّلُ مُجَاوِرٌ وَالثَّانِي مُخَالِطٌ، وَمِثْلُهُ الْقَطْرَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ فَلَا يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ فَيَكُونُ مُجَاوِرًا وَنَوْعًا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ فَيَكُونُ مُخَالِطًا، وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِالْقَطِرَانِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ الْقِرَبُ إنْ تَحَقَّقْنَا تَغَيُّرَهُ بِهِ وَأَنَّهُ مُخَالِطٌ فَغَيْرُ طَهُورٍ، وَإِنْ شَكَكْنَا أَوْ كَانَ مِنْ مُجَاوِرٍ فَطَهُورٌ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرِّيحُ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ، وَيَظْهَرُ فِي الْمَاءِ الْمُبَخَّرِ الَّذِي غَيَّرَ الْبَخُورُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ عَدَمُ سَلْبِهِ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ انْحِلَالَ الْأَجْزَاءِ وَالْمُخَالَفَةِ وَإِنْ بَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ (أَوْ بِتُرَابٍ طُرِحَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَقُولُ: حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا ضَرَّ نَظَرًا لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) زَادَ الْمَحَلِّيُّ طَاهِرٌ انْتَهَى وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْبَكْرِيُّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ وَعُلِمَ مِنْ التَّمْثِيلِ وَإِلَّا لَوَرَدَ النَّجَسُ انْتَهَى (قَوْلُهُ كَعُودٍ) أَيْ وَكَالْعُودِ مَا لَوْ صَبَّ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَاءً وَرَدَّ ثُمَّ جَفَّ وَبَقِيَتْ رَائِحَتُهُ فِي الْمَحَلِّ، فَإِذَا أَصَابَهُ مَاءٌ وَتَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ مِنْهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا لَمْ يُسْلَبْ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ وَالْحَالَةَ مَا ذُكِرَ تَغَيُّرٌ بِمُجَاوِرٍ، أَمَّا لَوْ صُبَّ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِيهِ مَا يَنْفَصِلُ وَاخْتَلَطَ بِمَا صَبَّهُ عَلَيْهِ فَيُقَدِّرُ مُخَالِفًا وَسَطًا (قَوْلُهُ: وَدُهْنٍ) أَيْ وَكَحَبٍّ وَكَتَّانٍ وَإِنْ أَغْلَيَا مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ فِيهِ مُخَالِطَةٌ تَسْلُبُ الِاسْمَ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يُجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ فِي مَاءِ مُبِلَّاتِ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَالَاتٍ مُتَفَاوِتَةً فِي التَّغَيُّرِ أَوَّلًا وَآخِرًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، نَعَمْ الَّذِي يَنْبَغِي فِيمَا شَكَّ فِي انْفِصَالِ عَيْنٍ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ بِحَيْثُ تَرَكَ مَعَهُ اسْمُهُ الْأَوَّلُ السَّلْبَ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّجَدُّدَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا عَلَى انْفِصَالِ تِلْكَ الْعَيْنِ فِيهِ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ انْفِصَالَ عَيْنٍ فِيهِ مُخَالِطَةٍ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَدُلُّ نَقْصُهُ عَلَى انْفِصَالِ الْعَيْنِ الْمُخَالِطَةِ كَمَا لَوْ وُزِنَ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ الْمَاءَ فَوَجَدْنَاهُ نَاقِصًا؟ قُلْت: لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَقَصَ: بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ مُجَاوِرَةٍ، وَلَوْ لَمْ تُشَاهَدْ فِي الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ الْتِصَاقِهَا بِبَعْضِ جَوَانِبِ الْمَحَلِّ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ تَرَوُّحٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِالْمُجَاوِرِ ضَرَّ وَلَيْسَ مُرَادًا، نَعَمْ إنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نَقَعَ التَّمْرَ فِي الْمَاءِ فَاكْتَسَبَ الْحَلَاوَةَ مِنْهُ سَلَبَهُ الطَّهُورِيَّةَ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ طَهُورٍ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ التَّغَيُّرَ بِهِ تَغَيُّرٌ بِمَا فِي الْمَقَرِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ وَلَوْ مَصْنُوعًا حَيْثُ صَارَ كَالْخِلْقِيِّ وَهَذَا مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا فِي مَقَرِّهِ مَا نَصُّهُ: وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ الْقِرَبُ الَّتِي يُدْهَنُ بَاطِنُهَا بِالْقَطِرَانِ وَهِيَ جَدِيدَةٌ لِإِصْلَاحِ مَا يُوضَعُ فِيهَا بَعْدُ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقَطِرَانِ الْمُخَالِطِ اهـ (قَوْلُهُ: فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا: دُخَانُ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ الْمَاءَ. قُلْنَا هُنَا بِسَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ التَّنْجِيسِ ثُمَّ قُلْنَا بِعَدَمِ سَلْبِهَا هُنَا، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ سَلْبِ الطَّهُورِيَّةِ هُنَا مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدُّخَانَ أَجْزَاءٌ تَفْصِلُهَا النَّارُ وَقَدْ اتَّصَلَتْ بِالْمَاءِ فَتُنَجِّسُهُ وَلَوْ مُجَاوِرَةً، إذْ لَا فَرْقَ فِي تَأْثِيرِ مُلَاقَاةِ النَّجَسِ بَيْنَ الْمُجَاوِرِ وَالْمُخَالِطِ، بِخِلَافِ الْبَخُورِ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا، وَإِنَّمَا ذَاكَ مِنْ بَابِ مَا لَا يُسْتَغْنَى الْمَاءُ عَنْهُ غَيْرِ الْمَمَرِّيَّةِ، وَالْمَقَرِّيَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ الشَّارِحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تَنْفَصِلُ مِنْ أَبْدَانِ الْمُنْغَمِسِينَ فِي الْمَغَاطِسِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ بِذَلِكَ تَرَوُّحٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوِرِ لَا يَكُونُ إلَّا تَرَوُّحًا، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ مَعَ أَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْبُخُورِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ جَرَى فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ كَثِيرًا بِالْقَطِرَانِ الَّذِي تُدْهَنُ بِهِ الْقِرَبُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَارٍ فِي هَذَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>