للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ. وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ: لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ عَدَمِ حُصُولِهَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ نَظَرَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ، بَلْ نُقِلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَمُقْتَضَى قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِإِمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ) وَلَا فَرْقَ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا بَيْنَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ.

وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. اهـ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) قَدْ يُشْكِلُ اعْتِمَادُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مِنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا مَرَّ مِنْ بَقَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ.

وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِزَوَالِهَا وَحُصُولِ الْفَضِيلَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَنَافِيَ وَلَا إشْكَالَ، وَيُصَرَّحُ بِهَذَا مَا قَالَهُ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ مِنْ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَأَنَّهُ بَحَثَ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَيْهِ [فَرْعٌ] إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ فِي مَسْجِدٍ فَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ: الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَالْإِمَامَةُ فِيهِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْآخَرُ، بِخِلَافِ مَنْ عَلَيْهِ التَّدْرِيسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرِّسَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُدَرِّسِ التَّعْلِيمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَمْرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. م ر اهـ سم مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرَّسَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالطَّلَبَةِ الْمُقَرَّرِينَ فِي الْوَظَائِفِ بَلْ حَيْثُ كَانَ إذَا حَضَرَ يَحْضُرُ عِنْدَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْإِثْمَ بِالتَّرْكِ مِنْ حَيْثُ هُوَ تَرْكٌ لِلْإِمَامَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ بَلْ الْمُرَادُ وُجُوبُ ذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَعْلُومِ.

[فَائِدَةٌ] كَانَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ يَقُولُ: إذَا حَضَرَ الْمُدَرِّسُ وَحَضَرَ عِنْدَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ يَقْرَأُ لَهُمْ مَا يَسْتَفِيدُونَهُ كَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْهُ مَا لَوْ عَيَّنَ تَفْسِيرًا مَثَلًا وَلَمْ يَحْضُرْ عِنْدَهُ مَنْ يَفْهَمُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ. وَلَا يُقَالُ: يَقْرَأُ مَا يُمْكِنهُمْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ) أَيْ الْمُبْتَدِعِ وَمَنْ بَعْدَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُ التُّحْفَةِ وَفِي حُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيمَا مَرَّ حَتَّى فِيمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَهُمْ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ سِيَّمَا وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ تَفُوتُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ.

لَا جَرَمَ اخْتَارَ الشِّهَابُ حَجّ مَقَالَةَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ الْآتِيَةَ، وَشَيْخُنَا جَعَلَ فِي حَاشِيَتِهِ فِي قَوْلِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ، مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ الْمَارِّ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَخْ، ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ مَعَهُ فِي قَوْلَةٍ أُخْرَى.

وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ ذَاكَ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ تَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَزُلْ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِزَوَالِهَا وَحُصُولِ الْفَضِيلَةِ. اهـ.

وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ، مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلَفَ هَؤُلَاءِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ غَيْرِهِ، فَالْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ مِنْ هَذَا الْقَصْرِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: بَلْ نُقِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَالْإِضْرَابُ رَاجِعٌ لِكَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ لَا لِنَظَرِ الطَّبَرِيِّ وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ الْعِبَارَةُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ الْمُحَقَّقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ مَا مَرَّ وَنَظَرَ فِيهِ الطَّبَرِيُّ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا عَدَمَ صِحَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>