للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَبْعَاضِ وَالْهَيْئَاتِ) أَيْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ جَمِيعُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ بِحَيْثُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ السَّابِقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَإِلَّا كُرِهَ بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ» (إلَّا أَنْ يَرْضَى) جَمِيعُهُمْ (بِتَطْوِيلِهِ) لَفْظًا أَوْ سُكُوتًا مَعَ عِلْمِهِ بِرِضَاهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُمْ (مَحْصُورُونَ) لَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ كَأُجَرَاءِ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ وَأَرِقَّاءَ وَمُتَزَوِّجَاتٍ كَمَا مَرَّ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ وَلَمْ يَطْرَأْ غَيْرُهُمْ فَيُسَنُّ لَهُ التَّطْوِيلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَطْوِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَإِنْ انْتَفَى شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ كُرِهَ لَهُ التَّطْوِيلُ فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمْ أَوْ اخْتَلَفُوا لَمْ يُطَوِّلْ إلَّا إنْ قَلَّ مَنْ لَمْ يَرْضَ وَكَانَ مُلَازِمًا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ حَقُّ الرَّاضِينَ لِهَذَا الْفَرْدِ الْمُلَازِمِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ نَحْوَهَا خَفَّفَ لِأَجْلِهِ، كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ.

وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَفَّفَ لِبُكَاءِ الصَّغِيرِ وَشَدَّدَ النَّكِيرَ عَلَى مُعَاذٍ فِي تَطْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ، وَمِنْ أَنَّ مَفْسَدَةَ تَنْفِيرِ غَيْرِ الرَّاضِي لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ، رُدَّ بِأَنَّ قِصَّةَ بُكَاءِ الصَّبِيِّ وَمُعَاذٍ لَا كَثْرَةَ فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ. أَمَّا الْأَرِقَّاءُ وَالْأُجَرَاءُ الْمَذْكُورُونَ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ التَّطْوِيلُ عَلَى مِقْدَارِ صَلَاتِهِمْ عَلَى الِانْفِرَادِ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَيُكْرَهُ) لِلْإِمَامِ (التَّطْوِيلُ لِيَلْحَقَ آخَرُونَ) لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْحَاضِرِينَ مَعَ تَقْصِيرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ بِعَدَمِ الْمُبَادَرَةِ، لَا سِيَّمَا وَفِي عَدَمِ انْتِظَارِهِمْ حَثٌّ عَلَى مُبَادَرَتِهِمْ لَهَا وَسَوَاءٌ أَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالْحُضُورِ أَمْ لَا، وَمَا وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثِ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُطِيلُ الْأُولَى لِيُدْرِكَهَا النَّاسُ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِهِمْ مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي تَطْوِيلِهَا غَيْرُ مُنَافٍ لِمَا تَقَرَّرَ، إذْ تَطْوِيلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَهَا عَلَى الثَّانِيَةِ لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ النَّشَاطِ فِيهَا أَكْثَرَ وَالْوَسْوَسَةِ أَقَلَّ، وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ حِكْمَتَهُ إدْرَاكُ قَاصِدِ الْجَمَاعَةِ لَهَا مُرَادُهُ بِهِ أَنَّهُ مِنْ فَوَائِدِهَا لَا أَنَّهُ يَقْصِدُ تَطْوِيلَهَا لِذَلِكَ.

وَقَوْلُ الرَّاوِي كَيْ يُدْرِكَهَا النَّاسُ تَعْبِيرٌ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ لَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَصَدَ ذَلِكَ، فَالْحَقُّ مَا قَالُوهُ مِنْ تَطْوِيلِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ، وَأَيْضًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِيهِ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاتَيْنِ غَايَتُهُ أَنَّهَا فِي الثَّانِيَةِ أَكْمَلُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ) عَمِيرَةُ اُنْظُرْ اسْتِيفَاءَهُ الم ~ وَهَلْ أَتَى يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَالْوَجْهُ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ مِمَّا وَرَدَ بِخُصُوصِهِ، ثُمَّ رَأَيْت م ر جَزَمَ بِذَلِكَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَوْفِي الْأَكْمَلَ لَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبْعَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَأْتِي بِأَدْنَى الْكَمَالِ) وَمِنْهُ الدُّعَاءُ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَيَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ لِقِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ» إلَخْ) عَمِيرَةُ. وَلَهُمَا أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «مَا صَلَّيْت خَلْفَ أَحَدٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ) يَجُوزُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّقِيمِ مَنْ بِهِ مَرَضٌ عُرْفًا، وَبِالضَّعِيفِ مَنْ بِهِ ضَعْفٌ بِنْيَةٍ كَنَحَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَلَيْسَ فِيهِ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْمُتَعَارَفَةِ (قَوْلُهُ: فَلْيُطِلْ مَا شَاءَ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ) قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَخَالَفَهُمَا أَيْ ابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ السُّبْكِيُّ انْتَهَى.

وَعَدَمُ تَعَرُّضِ الشَّارِحِ لِمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ ظَاهِرٌ فِي اعْتِمَادِ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَى الِانْفِرَادِ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ عَنْ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ سم مَنْهَجٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ صَلَاتِهِمْ مَعَ الِانْفِرَادِ حَيْثُ أَتَوْا فِيهَا بِأَدْنَى الْكَمَالِ مِمَّا يُطْلَبُ لَا يَنْقُصُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لَا تُسَاوِي مَصْلَحَتَهُ) أَيْ الرَّاضِي.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِهَذَا الْقَصْدِ) يُنَاقِضُهُ مَا قَرَّرَهُ قَبْلُ أَنَّهُ بِهَذَا الْقَصْدِ، وَكَأَنَّ مَا مَرَّ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّقْلِ، وَقَصَدَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مَنَافٍ إلَخْ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَفِ بِهِ الْعِبَارَةُ ثُمَّ رَأَيْته

<<  <  ج: ص:  >  >>