للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا أَمْكَنَ اُضْطُرِرْنَا؛ لِأَجْلِ ذَلِكَ إلَى اعْتِبَارِهِ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافَهُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْأَخِيرِ فَكَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ ثَمَّ، فَإِنَّ كُلَّ اجْتِهَادٍ وَقَعَ صَحِيحًا فَلَزِمَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَا مُبَالَاةَ بِوُقُوعِ مُبْطِلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (إلَّا إمَامَهَا فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) لِتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ فِي حَقِّهِ، وَمُرَادُهُمْ بِتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ عَدَمُ احْتِمَالِ بَقَاءِ وُجُودِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا آخَرَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعِيدُ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا صَلَّاهُ مَأْمُومًا وَهُوَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ كَانَ فِي الْخَمْسَةِ نَجَسَانِ صَحَّتْ صَلَاةُ كُلٍّ خَلْفَ اثْنَيْنِ فَقَطْ، أَوْ النَّجَسُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَبِوَاحِدٍ فَقَطْ.

وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي الضَّابِطِ أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ تَعَيَّنَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِلْبُطْلَانِ، وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: إلَى اعْتِبَارِهِ) أَيْ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ بِالزَّعْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْأَمْرِ مَنُوطًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ اعْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا إمَامَهَا) أَيْ الْعِشَاءُ (قَوْلُهُ: فَيُعِيدُ الْمَغْرِبَ) وَيُتَصَوَّرُ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِأَنْ يَكُونُوا جَاهِلِينَ أَوْ نَاسِينَ وَإِلَّا فَمَتَى تَعَيَّنَ إنَاءُ مَنْ يُرِيدُ الْإِمَامَةَ لِلنَّجَاسَةِ حَرُمَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ صَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ الِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ صَلَّى بِهِمْ وَاحِدٌ إمَامًا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الصِّحَّةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ جَازِمٌ بِطَهَارَةِ إنَائِهِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ وَلَمْ تَنْحَصِرْ النَّجَاسَةُ فِي وَاحِدٍ.

[فَرْعٌ] رَأَى إنْسَانًا تَوَضَّأَ وَأَغْفَلَ لُمْعَةً فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ تَجْدِيدٌ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَنْ حَدَثٍ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ. قَالَ م ر: الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ.

[فَرْعٌ] لَوْ اقْتَدَى مَنْ يَرَى الِاعْتِدَالَ قَصِيرًا بِمَنْ يَرَاهُ طَوِيلًا فَأَطَالَهُ، أَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمِثْلِهِ فَقَرَأَ الْإِمَامُ الْفَاتِحَةَ وَرَكَعَ وَاعْتَدَلَ ثُمًّ شَرَعَ فِي الْفَاتِحَةِ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا، ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ يَقْتَضِيهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ وَاضِحٌ، وَاعْتَمَدَهُ م ر وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يَنْتَظِرَهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَيُحْتَمَلُ تَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ فِي ذَلِكَ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. وَانْظُرْ هَلْ يُخَالِفُ الْأَوَّلُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الرَّحْمَةِ أَنَّهُ جَوَّزَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقْتَدِيَ فِي اعْتِدَالِهِ بِغَيْرِهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَيُتَابِعَهُ أَوْ يُفَرَّقَ. [فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ تَرَكَ شَافِعِيٌّ الْقُنُوتَ وَخَلْفُهُ حَنَفِيٌّ فَسَجَدَ الشَّافِعِيُّ لِلسَّهْوِ تَابَعَهُ الْحَنَفِيُّ، وَلَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لَمْ يَسْجُدْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ، وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى اعْتِقَادِ الْإِمَامِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

اقْتِدَاؤُهُ بِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ وَهُوَ لِاخْتِيَارِهِ لَهُ بِالتَّشَهِّي يَسْتَلْزِمُ إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الَّذِي حَذَفَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلَّ اجْتِهَادٍ وَقَعَ صَحِيحًا) أَيْ كُلُّ اجْتِهَادٍ صَادِرٍ مِنْهُ وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْمِيَاهِ، إذْ الِاجْتِهَادُ وَقَعَ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لِكُلِّ جِهَةٍ وَقَعَتْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَا يُصَحِّحُ هَذِهِ الْإِحَالَةَ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهَا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ، لَكِنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ أَوَّلًا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ السَّابِقِ بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِتَرَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي اسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ لِلنَّجِسِ فَسَاغَتْ لَهُ هَذِهِ الْإِحَالَةُ، بِخِلَافِ الشَّارِحِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ قَدَّمَ مُقَدِّمَةَ الْجَلَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ) فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَخْذِ هُنَا مُسَامَحَةٌ إذْ مَا هُنَا مِنْ أَفْرَادِ الضَّابِطِ، وَكَانَ غَرَضُهُ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ حَجّ بِقَوْلِهِ: تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ لُزُومِ الْإِعَادَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فِعْلُ الْعِشَاءِ وَعَلَى الْإِمَامِ فِعْلُ الْمَغْرِبِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>