للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَقْتَدِ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِأَحَدٍ، وَلَوْ سَمِعَ صَوْتَ حَدَثٍ أَوْ شَمَّهُ بَيْنَ خَمْسَةٍ وَتَنَاكَرُوهُ، وَأَمَّ كُلٌّ فِي صَلَاةٍ فَكَمَا ذَكَرَ فِي الْأَوَانِي (وَ) شَمَلَ قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لِدَلِيلٍ نَشَأَ عَنْ اجْتِهَادٍ فِي الْفُرُوعِ فَعَلَيْهِ (لَوْ) (اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ) مَثَلًا ارْتَكَبَ مُبْطِلًا فِي اعْتِقَادِنَا أَوْ اعْتِقَادِهِ كَأَنْ (مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ افْتَصَدَ) (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا) فِيهِمَا (بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَمُرَادُهُ بِالنِّيَّةِ الِاعْتِقَادُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهُ بِالْمَسِّ دُونَ الْفَصْدِ، وَقَدْ صَوَّرَهَا صَاحِبُ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعِلْمِنَا بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ، قِيلَ وَيَرُدُّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِاعْتِبَارِ عَقِيدَةِ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فِي الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عِلْمِهِ حَالَ النِّيَّةِ بِفَصْدِهِ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّلَاعُبِ فِي تَعْلِيلِ مَا ذُكِرَ بِالنَّظَرِ لِلْمَأْمُومِ دُونَ الْإِمَامِ، إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ عَالِمٌ حَالَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

السُّجُودَ سَجَدَ الْحَنَفِيُّ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى اعْتِقَادِ الْإِمَامِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ سُنَّ لِلْمَأْمُومِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الْإِتْيَانُ بِهِ.

وَيَرِدُ أَيْضًا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ، فَكَيْفَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِاعْتِقَادِهِ وَهُوَ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ فَلْيُحَرَّرْ. وَإِنْ كَانَ الْمَدَارُ عَلَى اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ مَا ذَكَرَ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَعْتَقِدُونَ خِلَافَهُ؟ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ: فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ إلَخْ؟ بَقِيَ مَا لَوْ رَآهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَيْنِ وَأَغْفَلَ اللُّمْعَةَ الْمَذْكُورَةَ فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَجْدِيدٌ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْدَثَ بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَعْتَادَ التَّجْدِيدَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي نَظَرًا إلَى ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَرَدُّدِ الْمُقْتَدِي فِي النِّيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي: وَقَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُفَرِّقُ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاقْتِدَاءِ يَنْقَطِعُ اعْتِدَالُهُ بِقَصْدِ الْمُتَابَعَةِ فَلَا يُعَدُّ فِعْلُهُ تَطْوِيلًا لِلرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْتَدِ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَكَمَا ذَكَرَ فِي الْأَوَانِي) لَكِنْ لَوْ تَعَدَّدَ الصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ لَمْ يُعَدُّ كُلٌّ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) قَضِيَّةُ الصِّحَّةِ وَاعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَأْمُومِ كَغَيْرِهِ وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ صَيَّرَهُ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ) أَيْ قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: مُحْدِثٌ عِنْدَهُ) أَيْ الْمُقْتَدِي (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: اعْتَمَدَ هَذَا التَّصْوِيرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَشَيْخُنَا طب وم ر اهـ.

وَكَلَامُ الشَّارِحِ هُنَا صَرِيحٌ فِي اعْتِمَادِهِ حَيْثُ حَكَى رَدَّهُ بِقِيلِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ تَبَعًا لحج (قَوْلُهُ: قِيلَ) قَائِلُهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ) أَيْ يَرُدُّ تَصْوِيرَ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَيُجَابُ: أَيْ عَنْ هَذَا الرَّدِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ كَوْنِ الْإِمَامِ نَاسِيًا أَوْ عَالِمًا (قَوْلُهُ: إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ، وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ: أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

تَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ فِي كُلٍّ. اهـ. وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ قَاصِرَةً عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ) عَنْ هَذَا الرَّدِّ الَّذِي حَكَاهُ بِقِيلَ وَقَائِلُهُ الشِّهَابُ حَجّ.

فَتَلَخَّصَ أَنَّ الشَّارِحَ يَخْتَارُ تَصْوِيرَ صَاحِبِ الْخَوَاطِرِ السَّرِيعَةِ مُخَالِفًا لِلشِّهَابِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا عَبَّرُوا فِيهِ بِالتَّلَاعُبِ بِالنَّظَرِ لِلْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْإِمَامَ حِينَئِذٍ مُتَلَاعِبًا: أَيْ صُورَةً، وَإِلَّا فَلَا تَلَاعُبَ مَعَ النِّسْيَانِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ لَا يَتَنَزَّلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا، وَإِنْ أَوَّلَهُ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ بِمَا لَا تَقْبَلُهُ الْعِبَارَةُ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهَا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ لَمَّا رَدَّ التَّصْوِيرَ الْمُتَقَدِّمَ بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ وَاخْتَارَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِالْعَمْدِ اسْتَشْعَرَ سُؤَالًا صُورَتُهُ: أَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مُتَلَاعِبٌ؟ فَأَوْرَدَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ، إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

وَالشَّارِحُ رَتَّبَ هَذَا عَلَى جَوَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>