للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّيَّةِ بِمُبْطِلٍ عِنْدَهُ، وَعِلْمُهُ بِهِ مُؤَثِّرٌ فِي جَزْمِهِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَنَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ لِمَا مَرَّ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ حُكْمُنَا بِاسْتِعْمَالِ مَائِهِ وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ عِنْدَ سُجُودِهِ لِ {ص} .

وَلَا قَوْلُهُمْ لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ وَجَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَنَفِيِّ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ زِيَادَةٌ فِي بَابِهِ، وَأَيْضًا فَالْمُبْطِلُ هُنَا وَفِيمَا لَوْ سَجَدَ لِ {ص} أَوْ تَنَحْنَحَ عَمْدًا عُهِدَ اغْتِفَارُ نَظِيرِهِ فِي اعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ لَوْ وَقَعَ مِنْ جَاهِلٍ، وَالْحَنَفِيُّ مِثْلُهُ فَلَا يُنَافِي اعْتِقَادَ كُلٍّ جَوَازَ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ فَاغْتُفِرَ لَهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ مَعَ نَحْوِ الْمَسِّ فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْجَاهِلُ وَغَيْرُهُ.

وَلَوْ شَكَّ شَافِعِيٌّ فِي إتْيَانِ الْمُخَالِفِ بِالْوَاجِبَاتِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ وَعِلْمُهُ: أَيْ الْمَأْمُومِ، وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ: أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً (قَوْلُهُ: عِنْدَ سُجُودِهِ لِ {ص ~} ) أَيْ لِآيَةِ {ص ~} إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِقَادِهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلُهُ: بُطْلَانِ صَلَاتِهِ أَيْ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَعَ مِنْ جَاهِلٍ) وَحُكِمَ بِاسْتِعْمَالِ مَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ تَرْكُ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ مِنْ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُنْكِرُ عَلَى مُجْتَهِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِمَذْهَبِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ أَتَى بِهِ لَكِنْ عَلَى اعْتِقَادِ السُّنِّيَّةِ، وَمَنْ اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا كَانَ ضَارًّا: أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالشَّارِحُ: أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ السَّابِقِ أَشَارَ إلَى دَفْعِهِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ إلَخْ، وَكَانَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَتَى بِهِ وَكَانَ اعْتِقَادُهُ عَدَمِ الْوُجُوبِ مَذْهَبًا لَهُ غَيْرَ مُبْطِلٍ عِنْدَهُ اكْتَفَيْنَا مِنْهُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ فَإِنَّ اعْتِقَادَهُ عَدَمَ الْوُجُوبِ لَيْسَ مَذْهَبًا لَهُ وَمُبْطِلٌ عِنْدَهُ فَلَمْ يَكْتَفِ مِنْهُ بِذَلِكَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ اعْتِقَادَ عَدَمِ الْوُجُوبِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَذْهَبًا لِلْمُعْتَقِدِ، وَإِلَّا لَمْ يُؤَثِّرْ، وَيَكْتَفِي مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ، وَأَمَّا مَا دَفَعَ بِهِ م ر أَيْضًا ذَلِكَ مِنْ اعْتِقَادِهِ عَدَمِ الْوُجُوبِ كَإِتْيَانِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَتَى بِالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِالْجُلُوسِ بِقَصْدِ الِاسْتِرَاحَةِ مَعَ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ اعْتِقَادُ فَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَرْضِ يَظُنُّهُ نَفْلًا بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الشَّكِّ فِي أَنَّ الْحَنَفِيَّ تَرَكَ الْوَاجِبَاتِ لَا يَضُرُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَذَلِكَ، إذْ لَا فَرْقَ بَلْ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ الشَّكُّ فِي الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ فَفِي الْمُوَافِقِ أَوْلَى، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْإِمَامِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) أَيْ فَلَوْ أَخْبَرَهُ بَعْدُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ لِذَلِكَ، وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا لِلْحُكْمِ بِمُضِيِّ صَلَاتِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إمَامُهُ تَارِكًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّمَ مِمَّا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ مِنْ شَأْنِهِ جَهْرُ الْإِمَامِ بِهِ: أَيْ فَيُنْسَبُ الْمَأْمُومُ لِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ، وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا، وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ، وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ شَكَّ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ فَاسْتَأْنَفَ النِّيَّةَ وَكَبَّرَ ثَانِيًا لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إذَا عَلِمَ بِحَالِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ تَقَدُّمُ إحْرَامِهِ عَلَى إحْرَامِ إمَامِهِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِمَشَقَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَأَمُّلُ حَالِهِ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، وَسَيَأْتِي عَنْ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ سم مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِعَادَةِ.

(قَوْلُهُ: تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورِ فَلَمْ يَلْتَئِمْ مَعَهُ، وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ عَمَّا أَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِحَمْلِ التَّلَاعُبِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي عَلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ التَّلَاعُبِ وَذَلِكَ فِي النَّاسِي لَا فِي التَّلَاعُبِ حَقِيقَةً، وَبِالْفِعْلِ كَمَا فِي الْعَامِدِ، وَهُوَ يَرْجِعُ فِي التَّحْقِيقِ إلَى جَوَابِ الشَّارِحِ بِحَسَبِ مَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>