للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَثَلًا ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ يَدُهُ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ لَمْ يَنْجُسْ بِغَمْسِهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ وَقَدْ اُعْتُضِدَ احْتِمَالُ طَهَارَةِ الْيُسْرَى وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ وُرُودُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ، أَمَّا وُرُودُهُ عَلَيْهَا فَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّجَاسَةِ (فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ) وَلَوْ نَجِسًا وَمُسْتَعْمَلًا وَمُتَغَيِّرًا بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ كَمَا شَمِلَهُ تَنْكِيرُهُ الْمَاءَ، وَلَا يُنَافِيه حَدُّهُمْ الْمُطْلَقُ بِأَنَّهُ مَا يُسَمَّى مَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا حَدٌّ بِالنَّظَرِ لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ، وَمَا فِي كَلَامِهِ تَعْبِيرٌ بِالنَّظَرِ لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ (وَلَا تَغَيُّرَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا تَغَيُّرَ بِهِ (فَطَهُورٌ) لِزَوَالِ الْعِلَّةِ حَتَّى لَوْ فَرَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ، وَالْعِبْرَةُ بِالِاتِّصَالِ لَا بِالْخَلْطِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ حَاجِزٌ بَيْنَ صَافٍ وَكَدِرٍ كَفَى، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَاءٍ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بُلُوغُهُمَا بِمَائِعٍ مُسْتَهْلَكٍ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ كَمَا مَرَّ (فَلَوْ) (كُوثِرَ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

حِينَئِذٍ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لِنَجَاسَةٍ مُؤَثِّرَةٍ؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْيَدِ مَحْكُومٌ بِبَقَائِهَا حَتَّى لَا تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَبْلَ غَسْلِهَا، لَكِنَّهَا لَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَتْهُ لِلشَّكِّ فِي تَنْجِيسِهَا لِلْمَاءِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ تَنَجَّسَ فَمُ هِرَّةٍ ثُمَّ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ وُلُوغُهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِبَقَاءِ فَمِهَا عَلَى النَّجَاسَةِ وَعَدَمِ تَنْجِيسِ مَا أَصَابَتْهُ بَعْدُ لِلشَّكِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَمَّا لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّجَاسَةِ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهُ أَيْ مِنْ الْوَارِدِ فَلَا يَنْجُسُ مَا فِي بَاطِنِ الْفَوَّارَةِ، وَالظَّرْفُ فَوَّارٌ أَصَابَ النَّجَسَ أَعْلَاهُ وَمَوْضُوعٌ عَلَى نَجَسٍ يَتَرَشَّحُ مِنْهُ مَاءٌ فَلَا يَنْجُسُ مَا فِيهِ إلَّا أَنَّ فَرْضَ عَوْدِ التَّرَشُّحِ إلَيْهِ انْتَهَى.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ قَاسِمٍ قَوْلَهُ: عَوْدُ التَّرَشُّحِ إلَخْ يَنْبَغِي أَوْ وُقِفَ عَنْ التَّرَشُّحِ وَاتَّصَلَ الْخَارِجُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ قَلِيلٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. أَقُولُ: وَلَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ تَنَجُّسِ مَا فِي الْبَاطِنِ مَا دَامَ التَّرَشُّحُ مَوْجُودًا أَنَّ تَرَشُّحَهُ صَيَّرَهُ كَالْمَاءِ الْجَارِي، وَهُوَ لَا يَنْجُسُ مِنْهُ إلَّا مَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ دُونَ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَتَرَاجَعْ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَانْقِطَاعُ رَشْحِ الْمَاءِ يُصَيِّرُهُ مُتَّصِلًا كَالْمُتَرَادِّ الْقَلِيلِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ وُضِعَ كُوزٌ عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاؤُهُ خَارِجٌ مِنْ أَسْفَلِهِ لَمْ يَنْجُسْ مَا فِيهِ مَا دَامَ يَخْرُجُ، فَإِنْ تَرَاجَعَ تَنَجَّسَ كَمَا لَوْ سُدَّ بِنَجَسٍ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ) قَدْ يُنَافِيه أَنَّهُمْ جَعَلُوا قَوْلَهُمْ فِيمَا سَبَقَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ وَاللِّسَانِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُرْفِ ثَمَّ عُرْفُ الشَّارِعِ، وَبِاللِّسَانِ اللُّغَةُ عَلَى مَا قِيلَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذُكِرَ، وَيُجْعَلَ ذِكْرُ اللِّسَانِ بَعْدَ الْعُرْفِ مِنْ الْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ، وَيُرَادُ بِاللِّسَانِ الشَّرْعِيِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا اقْتِصَارُ ابْنِ حَجَرٍ ثَمَّ عَلَى اللِّسَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعُرْفَ، وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا حَيْثُ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، فَأَفَادَ أَنَّ الْعُرْفَ وَاللِّسَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّرْعِيُّ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ رُفِعَ حَاجِزٌ) وَاتَّسَعَ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِي كُلٍّ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكَا عَنِيفًا وَإِنْ لَمْ تَزُلْ كُدُورَةُ أَحَدِهِمَا وَمَضَى زَمَنٌ يَزُولُ فِيهِ تَغَيُّرُهُ لَوْ كَانَ، أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ وَاسِعِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ كَمَا ذُكِرَ مُمْتَلِئٌ غُمِسَ بِمَاءٍ وَقَدْ مَكَثَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَا فِيهِ مُتَغَيِّرًا زَالَ تَغَيُّرُهُ لِتَقَوِّيهِ بِهِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِمَائِعٍ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ خَلَطَ قُلَّةً مِنْ الْمَائِعِ بِقُلَّتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ تُغَيِّرْهُمَا حِسًّا وَلَا تَقْدِيرًا، ثُمَّ أَخَذَ قُلَّةً مِنْ الْمُجْتَمَعِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبَاقِي نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ مَحْضُ الْمَاءِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ هُوَ الْمَائِعُ وَالْأَصْلُ طَهَارَةُ الْمَاءِ، أَوْ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْقُلَّةِ الْمَأْخُوذَةِ هِيَ مَحْضُ الْمَائِعِ حَتَّى يَكُونَ الْبَاقِي مَحْضَ الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحَالًا عَادَةً، كَانَ فِي حُكْمِهِ فِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. أَقُولُ: قِيَاسُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِهِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَفِي بِهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَمُتَغَيِّرًا بِمُسْتَغْنٍ عَنْهُ) أَيْ وَخَالِصُ الْمَاءِ قُلَّتَانِ كَمَا يَأْتِي وَمَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ صَافٍ وَكَدِرٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطَا

<<  <  ج: ص:  >  >>