للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَنَجِّسُ الْقَلِيلُ (بِإِيرَادِ طَهُورٍ) عَلَيْهِ (فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ) ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ، وَالْمَعْهُودُ مِنْ الْمَاءِ أَنْ يَكُونَ غَاسِلًا لَا مَغْسُولًا (وَقِيلَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَغْسُولٌ كَالثَّوْبِ، وَقِيلَ هُوَ طَهُورٌ رَدًّا بِغُسْلِهِ إلَى أَصْلِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ، وَلَوْ انْتَفَى الْإِيرَادُ أَوْ الطَّهُورِيَّةُ أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ فَهُوَ عَلَى نَجَاسَتِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرَ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَهِيَ مَعَهُ صِفَةٌ لِمَا قَبْلهَا، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا عَاطِفَةً؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ يَتَعَانَدَ مَعْطُوفَاتُهَا نَحْوَ جَاءَنِي رَجُلٌ لَا امْرَأَةٌ، وَلِأَنَّ لَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا نَحْوَ {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨] {زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: ٣٥]

(وَيُسْتَثْنَى) مِنْ النَّجَسِ (مَيْتَةٌ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) عَنْ مَوْضِعِ جُرْحِهَا إمَّا بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا دَمٌ أَصْلًا أَوْ لَهَا دَمٌ لَا يَجْرِي كَالْوَزَغِ وَالزُّنْبُورِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالذُّبَابِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا فِي الرَّضَاعِ فِيمَا لَوْ خَلَطَ اللَّبَنَ بِمَائِعٍ وَشَرِبَ مِنْهُ الطِّفْلُ عَدَمُ النَّجَاسَةِ حَيْثُ قَالُوا: إنْ بَقِيَ مِنْ الْمُخْتَلِطِ قَدْرَ اللَّبَنِ لَمْ يَحْرُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ مَحْضُ اللَّبَنِ، لَكِنْ يُعَارِضُهُ مَا فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَأَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو حَيْثُ قَالُوا: إنْ أَكَلَ مِنْهُ نَحْوَ حَبَّتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا مِنْ مَحْضِ مَا اشْتَرَاهُ عَمْرٌو أَوْ أَكْثَرُ نَحْوَ حَفْنَةٍ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا أَكَلَهُ مُخْتَلِطٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ.

وَنُقِلَ عَنْ الْحَلَبِيِّ فِي الدَّرْسِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ قِيَاسَ مَا فِي الْأَيْمَانِ، وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّضَاعِ فَلْيُرَاجَعْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ إلْحَاقُهُ بِمَا فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّضَاعِ خَارِجَةٌ عَنْ نَظَائِرِهَا مِنْ كُلِّ مَا كَانَ مُحَالًا عَادِيًا أَوْ كَالْمُحَالِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدَهَا) وَأَمَّا هُوَ فَلَا إعْرَابَ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْإِعْرَابِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعَهُ) أَيْ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ أَنْ يَتَعَانَدَ) أَيْ بِأَنْ لَا يُصَدَّقَ أَحَدُ مَعْطُوفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ تَكْرَارُهَا) كَأَنْ يُقَالَ هُنَا لَا طَهُورَ وَلَا نَجَسَ، فَلَمَّا امْتَنَعَ كَوْنُهَا عَاطِفَةً وَكَوْنُ مَا بَعْدَهَا صِفَةً جُعِلَتْ الصِّفَةُ هِيَ مَعَ مَا بَعْدَهَا

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّجَسِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَدُونَهُمَا يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ (قَوْلُهُ: لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ) .

[تَنْبِيهٌ]

جَوَّزَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي سَائِلِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَوَجْهُهُمَا ظَاهِرٌ وَالْفَتْحُ، وَاعْتَرَضَ لِلْفَاصِلِ بِمَا بَسَطْت رَدَّهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ انْتَهَى ابْنُ حَجَرٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ قَوْلُهُ لَا دَمَ لَهَا سَائِلٌ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ فِيهِمَا، وَاعْتُرِضَ الْفَتْحُ بِانْتِفَاءِ الِاتِّصَالِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْفَتْحِ.

وَأَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الِاتِّصَالِ فِي الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فَتَحْتَهُ فَتْحَةُ بِنَاءٍ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهَا فَتْحَةُ إعْرَابٍ وَأَنَّ تَرْكَ التَّنْوِينِ لِلْمُشَاكَلَةِ فَلَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْبِنَاءِ بِالْفَصْلِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ اسْمِ لَا قَبْلَ دُخُولِهَا، بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الشَّيْخِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلِبَعْضِهِمْ هُنَا أَجْوِبَةٌ لَا تَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَقَوْلُهُ لَهَا: أَيْ لِجِنْسِهَا، فَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ مِمَّا يَسِيلُ دَمُهُ لَكِنْ لَا دَمَ فِيهَا أَوْ فِيهَا دَمٌ لَا يَسِيلُ لِصِغَرِهَا فَلَهَا حُكْمُ مَا يَسِيلُ دَمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (قَوْلُهُ: كَالْوَزَغِ) هُوَ بِالْفَتْحِ جَمْعُ وَزَغَةٍ كَذَا قِيلَ،

وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْوَزَغُ مَعْرُوفٌ وَالْأُنْثَى وَزَغَةٌ، وَقِيلَ الْوَزَغُ جَمْعُ وَزَغَةٍ مِثْلُ قَصَبٍ وَقَصَبَةٍ فَتَقَعُ الْوَزَغَةُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالْجَمْعُ أَوْزَاغٌ وَوِزْغَانُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقَالَ: الْوَزَغُ سَامُّ أَبْرَصَ.

(قَوْلُهُ: وَالْخُنْفُسَاءُ وَالذُّبَابُ) وَمِثْلُهُ الْبَقُّ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ وَالْقَمْلُ وَالْبَرَاغِيثُ، وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالذُّبَابُ وَمِنْهُ الْحِرْبَاءُ وَالسَّحَالِي وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْوَزَغِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهُ سَامُّ أَبْرَصَ انْتَهَى. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَهُوَ كِبَارُ الْوَزَغِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَوْ الْأَكْثَرِيَّةُ) أَيْ الَّتِي أَفْهَمَهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوْثَرٍ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّعِيفِ الْمُشْتَرَطِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ فِي {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] كَذَا فِي التُّحْفَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>