للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا هُوَ فِي الثَّالِثَةِ فَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَظَنَّهُ لِقِيَامِهَا فَقَامَ فَوَجَدَهُ رَاكِعًا بِأَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ لِعُذْرِهِ: أَيْ مَعَ عَدَمِ إدْرَاكِهِ شَيْئًا مِنْ الْقِيَامِ.

وَيُعَارِضُهُ إفْتَاءُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ، وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا وَهُوَ فِي سُجُودِهِ مَثَلًا ثُمَّ ذَكَرَ فَلَمْ يَقُمْ عَنْ سَجْدَتَيْهِ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ رَكَعَ مَعَهُ كَالْمَسْبُوقِ، فَفَرْقُهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يُصَرِّحُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يُدْرِكُ قِيَامَ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يُدْرِكُهُ، هَذَا وَالْأَوْجُهُ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ كَالنَّاسِي فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ: وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا إلَخْ فَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ سُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْ النَّاسِي، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ خِلَافُهُ (وَرَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ) وَلَوْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا لِاعْتِدَالِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ قَبْلَهُ (فَقِيلَ يَتْبَعُهُ) لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ (وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ) لِعُذْرِهِ كَالْمَسْبُوقِ (وَالصَّحِيحُ) أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ بَلْ (يُتِمُّهَا) حَتْمًا (وَيَسْعَى خَلْفَهُ) عَلَى تَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ) فِي نَفْسِهَا (وَهِيَ الطَّوِيلَةُ) فَلَا يَحْسِبُ الِاعْتِدَالَ وَلَا الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا قَصِيرَانِ، وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْقَصِيرَ غَيْرُ مَقْصُودٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ إذْ هُوَ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ عَنْهُ مَقَامَهُ.

وَالْمُرَادُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ بِثَلَاثَةٍ وَالْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْإِمَامُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

نَظَرًا لِكَوْنِهِ مَسْبُوقًا أَوَّلًا، بَلْ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ مِنْ الْفَاتِحَةِ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ فِي رُكُوعِهِ لِتَقْصِيرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُذْرِ بِمَا فِي الْوَاقِعِ لَا بِمَا فِي ظَنِّهِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: فَكَبَّرَ) أَيْ الْإِمَامُ. (قَوْلُهُ: فَظَنَّهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ. (قَوْلُهُ: رَكَعَ مَعَهُ) ضَعِيفٌ (قَوْله فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَيُعَارِضُهُ إلَخْ هَذَا، وَأَصْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ حَجَرٍ تَوْجِيهًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَامَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ وَهُوَ وَاضِحٌ. أَمَّا عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ فَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ وَجْهٌ لِقَوْلِهِ فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَوْنُهُ كَالنَّاسِي) أَيْ مَنْ جَلَسَ ظَانًّا جُلُوسَ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْجَحَ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَتَخَلَّفُ لِلْقِرَاءَةِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَيَجْعَلُهُ رَدًّا لِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ عَكْسَ مَا صَنَعَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا لَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ مُقْتَدِيًا إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُ تَأْيِيدٌ لِإِفْتَاءِ الْآخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَبِهِ: أَيْ بِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِ يُرَدُّ إفْتَاءُ آخَرِينَ بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَسِيَ الِاقْتِدَاءَ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِهَذَا تَأْيِيدٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْآخَرِينَ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْإِشَارَةُ لِمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إلَخْ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ هُنَا قَلِقَةً كَمَا عَرَفْت (قَوْلُهُ: فَفَرَّقَهُمْ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَتَيْ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ وَنِسْيَانِ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ وِفَاقٍ، فَالضَّمِيرُ فِي فَفَرَّقَهُمْ لِلْأَصْحَابِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الشِّهَابِ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ كَانَ مُرَادُهُ صُورَةَ مَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ وَصُورَةُ النَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ فَعَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي فَفَرَّقَهُمْ لِلْأَصْحَابِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَنْ سَمِعَ تَكْبِيرَ الرَّفْعِ لَيْسَتْ مَحَلَّ وِفَاقٍ حَتَّى تُسْنَدَ لِلْأَصْحَابِ وَيُنْسَبَ إلَيْهِمْ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّاسِي لِلْقِرَاءَةِ وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعًا لِلْجَمْعِ الْمُفْتِينَ بِمَا مَرَّ، فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي إفْتَائِهِمْ لِفَرْقٍ كَمَا تَرَى بَلْ وَلَا لِمَسْأَلَةِ النِّسْيَانِ، وَإِنَّمَا أَيَّدَ بِهَا الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ إفْتَاءَهُمْ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالصُّورَتَيْنِ قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى جَمْعٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَيُعَارِضُهُ إلَخْ إذْ لَيْسَ هَاتَانِ صُورَتَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا إفْتَاءَانِ وَبِتَسْلِيمِهِ فَمَا يَكُونُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي فَفَرَّقَهُمْ وَمِنْ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ) فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْقَائِلَ لِهَذَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>