فِي الْقِيَامِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ.
فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ كَأَنْ تَخَلَّفَ بِالرُّكُوعِ وَالسَّجْدَتَيْنِ وَالْقِيَامِ وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ سَبَقَ بِأَكْثَرَ) مِمَّا ذَكَرَ بِأَنْ انْتَهَى إلَى الرَّابِعِ كَأَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ أَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ (فَقِيلَ يُفَارِقُهُ) بِالنِّيَّةِ حَتْمًا لِتَعَذُّرِ الْمُوَافَقَةِ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ بَلْ (يَتْبَعُهُ) حَتْمًا إنْ لَمْ يَنْوِ مُفَارَقَتَهُ (فِيمَا هُوَ فِيهِ) إذْ لَوْ سَعَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ لَكَانَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ وَلِهَذَا تَبْطُلُ بِهِ مِنْ عَالِمٍ عَامِدٍ، وَإِذَا تَبِعَهُ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا مَا لَمْ يَسْبِقْ بِأَكْثَرَ أَيْضًا (ثُمَّ يَتَدَارَكُ) مَا فَاتَهُ (بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) كَالْمَسْبُوقِ (وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ) الْمَأْمُومُ (الْفَاتِحَةَ لِشَغْلِهِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ) مَثَلًا وَقَدْ رَكَعَ إمَامُهُ (فَمَعْذُورٌ) فِي تَخَلُّفِهِ لِإِتْمَامِهَا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي فِيمَا مَرَّ.
وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ مِنْ الرُّكْنِ انْتِقَالُهُ عَنْهُ لَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ مِنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا عُذْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ فِي حَقِّهِ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ بِأَنْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِمَا تَقَدَّمَ فِي تَارِكِ الْفَاتِحَةِ مُتَعَمِّدًا، إلَّا أَنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ حَجَرٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: أَوْ مَا هُوَ عَلَى صُورَتِهِ انْتَهَى. وَهِيَ مُخْرِجَةٌ لِذَلِكَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي أَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ
(قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ حِينَئِذٍ فِي الرُّكُوعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ بِأَنْ تَخَلَّفَ لِلْقِرَاءَةِ فَلَمْ يُكْمِلْهَا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْ السُّجُودِ وَلَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَتَهُ فِي الْقِيَامِ حَتَّى رَكَعَ فَقَدْ تَحَقَّقَ سَبْقُهُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ مُتَابَعَتَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ عَقِبَ الْقِيَامِ لَا يَضُرُّ. وَقَالَ عَمِيرَةُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَتْبَعُهُ: أَيْ فَلَوْ تَخَلَّفَ أَدْنَى تَخَلُّفٍ بَطَلَتْ نَظَرًا لِمَا مَضَى مِنْ التَّخَلُّفِ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ كَمَا تَرَى لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، لَكِنَّهُ قَدْ يُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ: بِأَنْ انْتَهَى إلَى الرَّابِعِ كَأَنْ رَكَعَ وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَكَعَ) أَيْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلَهُ كَأَنْ رَكَعَ إلَخْ. أَقُولُ: إذَا قَعَدَ وَهُوَ فِي الْقِيَامِ فَقَعَدَ مَعَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى فَهَلْ يَبْنِي عَلَى مَا قَرَأَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ السَّابِقَةِ؟ الْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ لِانْقِطَاعِ قِرَاءَتِهِ بِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْقِيَامِ إلَى قِيَامٍ آخَرَ مِنْ رَكْعَةٍ أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ كَأَنْ تَابَعَ إمَامَهُ فِيهَا بِرُجُوعِهِ بَعْدَ السُّجُودِ إلَى قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِعَيْنِهِ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا لَوْ قَامَ: أَيْ الْإِمَامُ، وَهُوَ: أَيْ الْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ فَلَا يَبْعُدُ حِينَئِذٍ بِنَاؤُهُ عَلَى قِرَاءَتِهِ لِعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ حِينَئِذٍ قِيَامَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَخَالَفَهُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَاعْتَمَدَ الْبِنَاءَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْقَوْلِ التَّامِّ فِي أَحْكَامِ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ. أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ فِي الِاعْتِدَالِ) أَيْ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَوْ قَعَدَ) أَيْ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ فِي حَقِّهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ سَهَا عَنْهَا حَتَّى إلَخْ كَمَا تَقَدَّمَ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشِّهَابُ حَجّ تَأْيِيدًا لِإِفْتَاءِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِينَ كَمَا عَرَفْت فَلَا مَعْنَى لِضَمِيرِ الْجَمْعِ. الثَّانِي قَوْلُهُ: فِي التَّعْلِيلِ فِيهِ مُسَاهَلَةٌ إذْ لَمْ يُذْكَرْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيلِ بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّأْيِيدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفَرْقٌ مَا بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ السَّبْقُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ وَالْإِمَامُ فِي الْخَامِسِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ فِيهِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمُتَابَعَةِ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَاتٍ ثَلَاثٍ أَبَدَاهَا الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ الْبَقَاءَ عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ.
وَالثَّالِثُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي وُجُوبُ التَّبَعِيَّةِ بِالْفِعْلِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي قَرِيبًا: وَإِذَا تَبِعَهُ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْفَاتِحَةَ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِهَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَصْدِ، وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ كَانَ حُكْمُهُ مَا ذُكِرَ، وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ يَلْزَمُ مِنْهُ ضَعْفُ حُكْمِ الْبُلْقِينِيِّ بِالْبُطْلَانِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَبِعَهُ) أَيْ بِالْقَصْدِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرَاغِهِ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي لِذِكْرِ هَذَا هُنَا