فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ لِيَأْتِيَ بِتِلْكَ السُّنَّةِ.
وَمَحَلُّ جَوَازِ الْقَطْعِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. أَمَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا فَمُمْتَنِعٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى شَرْطٌ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ فِيهَا، وَلَوْ تَرَتَّبَ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ تَعْطِيلُهَا وَقُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الْخُرُوجِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا انْحَصَرَ فِي شَخْصٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ كَأَنْ رَأَى إمَامَهُ مُتَلَبِّسًا بِمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ بِهِ كَأَنْ رَأَى عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ تَحْتَ ثَوْبِهِ وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا أَوْ رَأَى خُفَّهُ تُخْرَقُ.
(وَلَوْ) (أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ) أَيْ أَثْنَاءِ (صَلَاتِهِ) قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ صَلَاتُهُ، لَكِنَّ كُلَّ مَنْ قَطَعَهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِدْخَالَهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ خِلَافًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَرْكُ التَّسْبِيحَاتِ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهَا تَكْبِيرَ الِانْتِقَالَاتِ وَجِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ فِيهِ عَلَى الْمَأْمُومِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَإِنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ، بِخِلَافِ التَّسْبِيحَاتِ فَإِنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا يُؤَدَّى لِتَأَخُّرِ الْمَأْمُومِ عَنْ إمَامِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ مُفَارَقَتُهُ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الِاسْتِمْرَارَ مَعَهُ أَفْضَلُ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ الْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورِ فِعْلُهَا جَمَاعَةً وَأَوْلَى الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ تَقْدِيمًا بِالْمَطَرِ بِنَاءً عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى كُلِّهَا مِنْهَا، أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي لِصِحَّةِ الثَّانِيَةِ عَقْدُهَا مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ فَارَقَهُ حَالًا فَلَا تَحْرُمُ الْمُفَارَقَةُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(قَوْلُهُ: اتَّجَهَ كَمَا قَالَهُ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ امْتِنَاعُ الْمُفَارَقَةِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا مِنْ أَنَّ الْعُذْرَ يُجَوِّزُ التَّرْكَ وَإِنْ تَوَقَّفَ ظُهُورُ الشِّعَارِ عَلَى مَنْ قَامَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْخُرُوجِ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَهِيَ خَفِيَّةٌ) أَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالْوَاجِبُ فِيهَا الِاسْتِئْنَافُ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي كَوْنِ هَذِهِ خَفِيَّةً بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ فَرْضِ مَا فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ فِي ظَاهِرِهِ وَفَرْضِ الْبَعِيدِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَكَشَفَهَا الرِّيحُ مَثَلًا) أَيْ فَأَدْرَكَهَا لِكَشْفِ الرِّيحِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الَّتِي لَوْ تَأَمَّلَهَا أَبْصَرَهَا بِأَنْ كَانَتْ بِظَهْرِ الْإِمَامِ مَثَلًا. أَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الضَّبْطِ بِمَا فِي الْأَنْوَارِ أَنْ يُفْرَضَ بَاطِنُ الثَّوْبِ ظَاهِرًا، وَمَا فِي الثَّوْبِ السَّافِلِ أَعْلَى وَأَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ وَأَنَّ الْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ فَقَطْ فَهَذِهِ مِنْ الظَّاهِرَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ لَا الْمُفَارَقَةُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ افْتَتَحَهَا فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ نَقَلَ نَفْسَهُ لِأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعًا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ عَمِيرَةُ. وَقَوْلُهُ قَطْعًا: أَيْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إنْ كَانَ عُذْرٌ: أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كُرِهَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ سم الْآتِي (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ: أَيْ بَعْدَ قَلْبِهَا نَفْلًا وَيُسَلِّمُ مِنْهَا فَتَكُونُ نَافِلَةً ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَفْعَلَهَا جَمَاعَةً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ قَطْعُ الْفَرْضِ حَرَامٌ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ التَّوَصُّلُ بِالْقَطْعِ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِمَّا كَانَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِدْخَالُهُ نَفْسَهُ فِيهَا فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ مَكْرُوهٌ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ فِي الْأَثْنَاءِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَا فَوَاتَ فَضِيلَةٍ فِيهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْغَيْرِ مَظِنَّةُ مُخَالَفَةِ نَظْمِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِي نَظْمِ صَلَاتِهِ وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَلَا كَذَلِكَ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ لَا يَكُونُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، قَالَهُ م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُتَابَعَةِ مِنْ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ بَعْدَ الْمُقَارَنَةِ ثَمَّ مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ الْمُؤَدَّى لِلْمُتَابَعَةِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَذَلِكَ يُؤَدَّى إلَى النَّهْيِ عَنْ الْمُتَابَعَةِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ، فَكَانَتْ الْكَرَاهَةُ فِيهِ مَانِعَةً مِنْ الْفَضِيلَةِ فِي جَمِيعِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .