لِلزَّرْكَشِيِّ هُنَا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ حَيْثُ حَصَلَتْ ابْتِدَاءً فِي الْمُفَارَقَةِ الْمُخَيِّرَةِ كَمَا مَرَّ وَيَدُلُّ لِمَا تَقَرَّرَ فِعْلُ الصِّدِّيقِ لَمَّا جَاءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ إمَامٌ فَتَأَخَّرَ وَاقْتَدَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ، وَصَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِهِمْ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ وَأَحْرَمَ بِهِمْ» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَنْشَئُوا نِيَّةَ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ وَهَلْ الْعُذْرُ هُنَا كَمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ وَكَانَ اقْتَدَى لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْفَاتِحَةَ فَيُدْرِكَ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِي الْوَقْتِ مَانِعٌ لِلْكَرَاهَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مَا أَدْرَكَهُ بَعْدَ الِانْفِرَادِ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِهِمْ) لَا يُقَالُ: كَيْفَ وَقَعَ السَّهْوُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَحْرَمَ بِهِمْ مَعَ الْجِنَايَةِ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُمْ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا. لِأَنَّا نَقُولُ: صَرَّحُوا بِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ السَّهْوِ مِنْهُمْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَأَحْرَمَ بِهِمْ) الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَعِبَارَتُهُ فِي بَابِ هَلْ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِعِلَّةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ، حَتَّى إذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ» قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ: أَيْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ قَبْلَ إحْرَامِهِ: «وَقَالَ عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اغْتَسَلَ» : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ اغْتَسَلَ اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْإِشْكَالُ فِي قَوْلِنَا لَا يُقَالُ: كَيْفَ وَقَعَ السَّهْوُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَارِدٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ هَذَا. وَفِي الْفَتْحِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ حَتَّى إذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ إذَا ذَكَر فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ مِنْ أَبْوَابِ الْغُسْلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ بِلَفْظٍ: فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ انْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَبَّرَ ثُمَّ أَوْمَأَ إلَيْهِمْ» . وَلِمَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ فِي مُصَلَّاهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اُمْكُثُوا» ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ قَوْلِهِ كَبَّرَ عَلَى إرَادَةِ أَنْ يُكَبِّرَ أَوْ بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ. أَبْدَاهُ عِيَاضُ وَالْقُرْطُبِيُّ احْتِمَالًا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ كَعَادَتِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي صُورَةِ الْخَبَرِ) هُوَ قَوْلُهُ أَحْرَمَ بِهِمْ ثُمَّ تَذَكَّرَ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ اقْتَدَى إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتَدِ خَرَجَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَعَ وُقُوعِ بَاقِيهَا فِي الْوَقْتِ، وَحِينَئِذٍ فَيُخَالِفُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَأَمْكَنَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ بِإِدْرَاكِ رُكُوعِهَا لَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ إلَخْ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِ هُنَا تُعْطِي أَنَّهُ حَيْثُ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَكَانَ اسْتِمْرَارُهُ مَعَهُ يُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ بَعْضِهَا لَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ وَيُوقِعَهَا كُلَّهَا فِي الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ إحْرَامِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا كَامِلَةً، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ فِي هَذِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَتُخَصُّ مَسْأَلَةُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا أَحْرَمَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا كَامِلَةً، لَكِنْ اتَّفَقَ عُرُوضُ مَانِعٍ كَالتَّطْوِيلِ الْمُؤَدِّي لِخُرُوجِ بَعْضِهَا، أَوْ يُخَصُّ مَا يَأْتِي مِنْ الْوُجُوبِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَمَا هُنَا بِمَا لَوْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: لِيَتَحَمَّلَ عَنْهُ) يُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا جَازَ لَهُ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ: أَيْ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ، لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اقْتَدَى عَقِبَ إحْرَامِهِ، أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْدَهُ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَهَلْ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا فِي الْأَوَّلِ وَبَعْضِهَا فِي الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا هَلْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ كَالْمُوَافِقِ وَفِي الثَّانِي كَالْمَسْبُوقِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ حَيْثُ حَصَلَتْ ابْتِدَاءً إلَخْ) أَيْ فَتَحْصُلُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ نَظِيرَ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضَ الصَّلَاةِ وَأَتَمَّهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ جَوَازِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute