للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ، وَمَا مِنْ شَأْنِهِ لَا بِالنَّظَرِ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَالٍّ وَهُوَ قَوِيٌّ، لَكِنْ قَالَ الْجِيلِيُّ: صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ عَلَى الْأَصَحِّ.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إشَارَةٌ إلَيْهِ، كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ غَرِيبٌ.

قَالَ الشَّيْخُ: وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ، وَلَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ طَرَحَهَا فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ اتَّجَهَ التَّنْجِيسُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَلْقَى مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً مَيِّتًا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى دَمٍ ثُمَّ طَارَ وَوَقَعَ عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ اتَّجَهَ الْعَفْوُ جَزْمًا؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِهِ فِي الدَّمِ الْمُشَاهَدِ فَلَأَنْ نَقُولَ بِهِ فِيمَا لَمْ يُشَاهَدْ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ بِحَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ فِي دَفَعَاتِ مَا يُحَسَّ وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذُّبَابِ وَغَيْرِهِ كَنَحْلٍ وَزُنْبُورٍ وَفَرَاشٍ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَطْلَقَ الذُّبَابَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَابُهُ طَرِبَ انْتَهَى مُخْتَارٌ، وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ تَخْصِيصُ الْعَفْوِ عَمَّا يَعْلَقُ بِرَجُلِ الذُّبَابِ بِمَا إذَا لَمْ يُدْرِكْهُ الطَّرَفُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الْعَفْوَ مُطْلَقًا، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوِيٌّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَسِيرًا عُرْفًا كَمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ فَلَا تَنَافِيَ (قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لَوْنُ دَمِ الْأَجْنَبِيِّ الْقَلِيلِ مُتَفَرِّقًا، وَلَوْ جُمِعَ لِكُثْرٍ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى الرَّاجِحِ اهـ.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى غَيْرِ الدَّمِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ جِنْسَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْ الْقَلِيلِ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا كَذَلِكَ نَحْوَ الْبَوْلِ (قَوْلُهُ: بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ) وَهُوَ قَوْلُهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ إلَخْ) أَيْ رَطْبَةً يَعْلَقُ شَيْءٌ مِنْهَا بِالذُّبَابَةِ (قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا بِهِ) أَيْ بِالْعَفْوِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ، بِمَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ.

١ -

[فَرْعٌ] لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ دَنَّيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَاءٌ قَلِيلٌ أَوْ مَاءٌ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ فَوُجِدَتْ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هِيَ اجْتَهَدَ، فَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَاتَّحَدَتْ الْمِغْرَفَةُ وَلَمْ تُغْسَلْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِمَا، وَإِنْ ظَنَّهَا مِنْ الثَّانِي أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَتْ الْمِغْرَفَةُ أَوْ اتَّحَدَتْ وَغُسِلَتْ بَيْنَ الِاغْتِرَافَيْنِ حُكِمَ بِنَجَاسَةِ مَا ظَنَّهَا فِيهِ اهـ خَطِيبٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ) أَيْ حَيْثُ كَثُرَ عُرْفًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ قَالَ الشَّيْخُ

وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ (قَوْلُهُ: وَزُنْبُورٌ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْغَيْرُ نَحْوَ الثَّوْبِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ كَغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْجَلَالَ كَغَيْرِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَحْكَامِ الْعَامَّةِ لِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَالشَّارِحُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ سَيَأْتِي لَهُ كَثِيرٌ مِمَّا هُوَ خَاصٌّ بِالْمَائِعِ كَمَا عَلَى مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ، فَتَرْتِيبُهُ عَلَى هَذَا مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَوِيٌّ) سَيَأْتِي تَقْيِيدُهُ فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ) أَيْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنَّ مَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ السِّوَادَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَنُقْطَةِ بَوْلٍ، وَقَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ: عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِحُرُوفِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ قَالَ الشَّيْخُ، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ حِكَايَةِ اسْتِيجَاهِ الشَّيْخِ لِمَا يَأْتِي، وَلَيْسَ فِيهِ اعْتِمَادٌ لَهُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ:، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِيهِ اعْتِمَادُهُ لِتَقْيِيدِ الْبَعْضِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ إلَخْ، وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ إلَى التَّنَافِي، وَقَوْلُ الشَّيْخِ، وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ: أَيْ تَصْوِيرُ أَصْلِ الْحُكْمِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْجِيلِيُّ صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَهَذَا الِاسْتِيجَاهُ فِي مُقَابَلَةِ كَلَامِ الْجِيلِيِّ، وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ: أَيْ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ عَنْهُمْ الْجِيلِيُّ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِوُقُوعِ مَا ذُكِرَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ: أَيْ بِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ هَكَذَا أَفْهَمَ هَذَا الْمَقَامُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا وَقَعَ فِيهِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ فِي دَفَعَاتِ مَا يُحَسُّ) لَفْظُ يُحَسُّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ يُدْرَكُ بِالْحِسِّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>