للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَوَاءٌ أَكَانَ أَعْمَى أَمْ بَصِيرًا، وَالثَّانِي يَجْتَهِدُ كَالْمَاءَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ عَدَمُ اسْتِحَالَتِهِ عَنْ خِلْقَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْمُتَنَجِّسِ وَالْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّهُمَا لَمْ يَسْتَحِيلَا عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِمَا إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَوْلِ وَمَاءِ الْوَرْدِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ اسْتَحَالَ إلَى حَقِيقَةٍ أُخْرَى (بَلْ يُخْلَطَانِ) أَوْ يُرَاقَانِ أَوْ يُرَاقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَنَبَّهَ بِالْخَلْطِ عَلَى بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ التَّلَفِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (ثُمَّ يَتَيَمَّمُ) وَيُصَلِّي بِلَا إعَادَةٍ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ أَنَّ الْإِرَاقَةَ وَنَحْوَهَا مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى التَّيَمُّمِ فَهِيَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُوهِمُهُ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا بِيَقِينٍ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ، وَبِهَذَا فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ هُنَا وَصِحَّتِهِ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَنَعَ مِنْهُ نَحْوُ سَبُعٍ، وَقَوْلُهُ بَلْ يُخْلَطَانِ بِنُونِ الرَّفْعِ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّهِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَطْفًا عَلَى لَمْ يَجْتَهِدْ بِنَاءً

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ الطَّهَارَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا ظَنَّهُ مَاءً، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاعْتَمَدَهُ طب وَرم وَرَدَّهُ حَجّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ لِلشُّرْبِ لَمْ يَقُلْهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنَّمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَأَنَّ الشَّارِحَ مُوَافِقٌ فِيهِ لحج فِي مَنْعِ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ، فَلَوْ اضْطَرَّ لِلشُّرْبِ كَانَ لَهُ الْهُجُومُ وَالشُّرْبُ مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ مُحَقَّقِ النَّجَاسَةِ، وَالِاجْتِهَادُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ مَعَ فَقْدِ شُرُوطِهِ إذَا كَانَ وَسِيلَةً لِحُكْمٍ مَمْنُوعٍ مِنْهُ لَوْلَا الِاجْتِهَادُ، وَهَذَا لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْ الشُّرْبِ بِدُونِ الِاجْتِهَادِ، فَوُجُودُهُ لَا يَضُرُّ، وَلَيْسَ الِاجْتِهَادُ هُنَا عِبَادَةً حَتَّى يُتَوَهَّمُ امْتِنَاعُهُ بِتَقْدِيرِ فَسَادِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ إنَاءٌ بِأَوَانِي بَلَدٍ وَاشْتَبَهَ فَيَأْخُذُ مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ، وَلَهُ الِاجْتِهَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَ الِاجْتِهَادَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ فِعْلَ مَا هُوَ جَائِزٌ بِالنَّجَسِ كَطَفِّي النَّارِ بِالْبَوْلِ أَوْ رَشِّهِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الطَّهَارَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ وَعِبَارَتُهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَهِدَ بَيْنَ الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ لِأَجْلِ الشُّرْبِ، فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ تَوَضَّأَ هَلْ يَأْتِي فِي الْبَوْلِ أَيْضًا إذَا وَصَفَ لَهُ التَّدَاوِي بِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَجْرِي فِي الْبَوْلِ بِحَالٍ اهـ.

وَرَاجَعْت مَا كَتَبَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فَوَجَدْته مَفْرُوضًا فِي اشْتِبَاهِ الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ مَا عَارَضْنَاهُ بِهِ، نَعَمْ فِيمَا كَتَبَهُ سم عَلَى حَجّ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ بَحَثَ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيهِمَا لِلشُّرْبِ يَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ وَنَظَرَ فِيهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَقَدْ نَظَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ مَجِيءَ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ، ثُمَّ قَالَ: فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا اجْتِهَادَ فِي ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ الْبَوْلَ نَاشِئٌ عَنْ الْمَاءِ الطَّهُورِ بَلْ يَجُوزُ تَوَلُّدُهُ مِنْ الرُّطُوبَاتِ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يَتَنَاوَلْ مَاءً وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ طَاهِرًا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ كَغَيْرِهِ الَّذِي عَبَّرُوا بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُرَاقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُرَاقُ قَدْرًا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ، وَمَحَلُّ الْعَفْوِ عَنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ فَأَمْسَكَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي بِلَا إعَادَةٍ) أَيْ إنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ (قَوْلُهُ: لَا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ) أَيْ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ الْخَلْطِ حَرُمَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ جُنُبًا، وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ مُطْلَقًا دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَبِهَذَا فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوَ سَبْعٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بَعْدَ سَبْعٍ، وَيُجْرَى مَا تَقَرَّرَ فِيمَا لَوْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَكَانَ أَعْمَى أَمْ بَصِيرًا) مُرَادُهُ بِهِ دَفْعُ مَا أَوْهَمَهُ الْمَتْنُ مِنْ كَوْنِ هَذَا خَاصًّا بِالْأَعْمَى الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ يَكُونُ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ بِالْخُصُوصِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>