للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ إنَّ بَلْ تَعْطِفُ الْجُمَلَ، وَهِيَ هُنَا وَفِيمَا بَعْدُ لِلِانْتِقَالِ مِنْ غَرَضٍ إلَى آخَرَ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ لَا لِلْإِضْرَابِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ النُّونِ؛ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِهَا عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِبَلْ إفْرَادُ مَعْطُوفِهَا بِمَعْنَى كَوْنِهِ مُفْرَدًا، فَإِنْ تَلَاهَا جُمْلَةٌ لَمْ تَكُنْ عَاطِفَةً بَلْ حَرْفَ ابْتِدَاءٍ لِمُجَرَّدِ الْإِضْرَابِ

(أَوْ) اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَاءٌ (وَمَاءُ وَرْدٍ) انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ (تَوَضَّأَ بِكُلٍّ) مِنْهُمَا (مَرَّةً) وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّوَضُّؤُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِتَيَقُّنِ اسْتِعْمَالِ الطَّهُورِ، وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ، وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَاءٍ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ لِفَقْدِ الضَّرُورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ سُلُوكَ الطَّرِيقِ الْمُحَصِّلَةِ لِلْجَزْمِ فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الطَّهُورِ بِيَقِينٍ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اجْتَهَدَ فِي الْمَاءَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الطَّاهِرُ اهـ. وَهِيَ مَضْرُوبٌ عَلَيْهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَعْنَاهَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ ظُهُورُ الْعَلَامَةِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَمَاءُ وَرْدٍ) بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَوَانٍ: مَاءٌ طَهُورٌ، وَمَاءٌ مُتَنَجِّسٌ، وَمَاءُ وَرْدٍ، فَهَلْ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ نَظَرًا لِلْمَاءِ الطَّهُورِ وَالْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ انْضِمَامُ مَاءِ الْوَرْدِ إلَيْهِمَا، وَلَا احْتِمَالَ أَنْ يُصَادِفَ مَاءَ الْوَرْدِ كَمَا لَا يَضُرُّ احْتِمَالُ مُصَادَفَةِ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ، أَوْ لَا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْوَرْدِ لَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ وَلِاحْتِمَالِ مُصَادَفَتِهِ، وَلَيْسَ كَمُصَادَفَتِهِ الْمَاءَ الْمُتَنَجِّسَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الطَّهُورِيَّةِ، بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَامَةِ الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلَ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَاءٍ طَهُورٍ وَمُتَنَجِّسٍ وَبَوْلٍ، وَالظَّاهِرُ الِامْتِنَاعُ لِغِلَظِ أَمْرِ النَّجَاسَةِ فِي الْبَوْلِ. وَبَقِيَ مَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ التَّالِفَ الْمُتَنَجِّسَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَجْتَهِدُ فِيهِمَا) أَيْ لِلطَّهَارَةِ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِهِ لِلشُّرْبِ فَيَجُوزُ ثُمَّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَظَهَرَ لَهُ الْمَاءُ مِنْهُمَا تَطَهَّرَ بِهِ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا.

[فَرْعٌ] إذَا اشْتَبَهَ الْمُسْتَعْمَلُ بِالطَّهُورِ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ اهـ. فَقَدْ انْكَشَفَ لَك أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الضَّرُورَةِ تَعَذُّرَ الِاجْتِهَادِ اهـ عَمِيرَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ إلَخْ نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ خِلَافَ هَذَا. أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ قَاسِمٍ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ صَرَّحَ بِمَا قُلْته فَقَالَ: قَوْلُهُ لَا يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا مَمْنُوعٌ مَنْعًا وَاضِحًا، بَلْ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ كَالْمُهَذَّبِ مُصَرَّحٌ بِالْجَوَازِ إلَى آخَرِ مَا أَطَالَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ) أَيْ قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: الْمُحَصِّلَةُ لِلْجَزْمِ) أَيْ فِيمَا لَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ بِنَجَسٍ وَقَدَرَ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْجَزْمَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

طَاهِرًا بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْإِضْرَابِ) صَوَابُهُ لَا لِلْإِبْطَالِ إذْ الْإِضْرَابُ جِنْسٌ يَشْمَلُ الِانْتِقَالَ، وَالْإِبْطَالَ، فَهُوَ قِسْمٌ مِنْهُ لَا قَسِيمُهُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الْكَلَامِ إذَا جُعِلَ عَطْفًا عَلَى يَجْتَهِدُ

(قَوْلُهُ: سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْمُحَصِّلَةِ لِلْجَزْمِ) أَيْ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ إلَخْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يُنَافِيهِ صَرِيحُ مُغَايَرَةِ الشَّارِحِ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>