للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى أَيْضًا، وَيَخْطُبُ بِهِمْ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يَنْوُونَ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ شُكْرًا (عَلَى الصَّحِيحِ) كَاجْتِمَاعِهِمْ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يُصَلُّونَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُفْعَلْ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ قَبْلَهَا عَمَّا إذَا سُقُوا بَعْدَهَا فَإِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ لِذَلِكَ وَلَوْ سُقُوا فِي أَثْنَائِهَا أَتَمُّوهَا جَزْمًا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ.

(وَيَأْمُرُهُمْ الْإِمَامُ) اسْتِحْبَابًا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) (أَوَّلًا) مُتَتَابِعَةٍ مَعَ يَوْمِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ مَعِينٌ عَلَى الرِّيَاضَةِ وَالْخُشُوعِ وَصَحَّ «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالْمَظْلُومُ» وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَبِأَمْرِهِ يَصِيرُ الصَّوْمُ وَاجِبًا امْتِثَالًا لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ كَالسُّبْكِيِّ وَالْقَمُولِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَأَفْتَى بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ شُكْرًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى فِعْلِهَا هُوَ الشُّكْرُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نِيَّتَهُمْ بِهَا الِاسْتِسْقَاءَ.

(قَوْلُهُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ يُتَّجَهُ لُزُومُ الصَّوْمِ أَيْضًا إذَا أَمَرَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ اهـ.

[فَائِدَةٌ] الْوَلِيُّ لَا يَلْزَمُهُ أَمْرُ مُوَلِّيهِ الصَّغِيرِ بِالصَّوْمِ وَإِنْ أَطَاقَهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ إنْ شَمِلَهُ أَمْرُ الْإِمَامِ: أَيْ بِأَنْ أَمَرَ بِصِيَامِ الصِّبْيَانِ، وَفِيهِ أَيْضًا: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِامْتِثَالِ أَمْرِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ مَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ وِلَايَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، فَلَوْ أَمَرَ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ وَشَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ وِلَايَتِهِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْوُجُوبُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ؟ لَا يَبْعُدُ الِاسْتِمْرَارُ (قَوْلُهُ: مَعَ يَوْمِ الْخُرُوجِ) صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَيَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ فِي الرَّابِعِ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْإِمَامِ أَمْرُهُمْ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُمْ الصَّوْمَ لِأَنْفُسِهِمْ (قَوْلُهُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ) التَّعْبِيرُ بِمَا ذُكِرَ يُشْعِرُ بِأَنَّ النَّهَارَ كُلَّهُ ظَرْفٌ لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَأَنَّهُ بِالْفِطْرِ يَنْتَهِي وَقْتُ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: وَبِأَمْرِهِ يَصِيرُ الصَّوْمُ وَاجِبًا) قَالَ حَجّ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا اهـ. وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَلَوْ أَمَرَ بِالصَّوْمِ لِنَحْوِ طَاعُونٍ ظَهَرَ فِي الْبَلَدِ وَاجِبٌ أَيْضًا كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر وَطِبّ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرُوهُ الْمَذْكُورُ اهـ. وَقَوْلُهُ وَاجِبًا: أَيْ عَلَيْهِمْ لَا عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ خِطَابِهِ، لِأَنَّا إنَّمَا أَوْجَبْنَا الصَّوْمَ عَلَى غَيْرِهِ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَذْلُ الطَّاعَةِ لِنَفْسِهِ اهـ سم أَيْضًا. وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

[فَرْعٌ] أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ فَسَقَوْا قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الصَّوْمِ، قَالَ م ر: لَزِمَهُمْ صَوْمُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ اهـ. أَقُولُ: يُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَفَائِدَتُهُ لَمْ تَنْقَطِعْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ سَبَبًا فِي الْمَزِيدِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ فَسَقَوْا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِمَّا عَلَّلَ بِهِ سم، وَيُحْتَمَلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِأَمْرٍ وَقَدْ فَاتَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصِّيَامِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إتْمَامُ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي.

[فَائِدَةٌ] لَوْ رَجَعَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَمْرِ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ وَاجِبٌ لِذَاتِهِ لَا لَشَقَّ الْعَصَا. وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ شَيْخِنَا الْحَلَبِيِّ وَشَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ.

[فَائِدَةٌ أُخْرَى] لَوْ حَضَرَ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ مَنْ كَانَ مُسَافِرًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الصَّوْمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا حَالَ النِّدَاءِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّوْمِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ صَوْمُهُ بَعْدَ النِّصْفِ هُوَ الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ وَهَذَا سَبَبُهُ الِاحْتِيَاجُ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِهِ أَمْرًا بِمَعْصِيَةٍ بَلْ بِطَاعَةٍ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ وَقْتَ أَمْرِ الْإِمَامِ ثُمَّ طَهُرَتْ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>