الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَوْضِعٍ، وَقَوْلُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ مَرْدُودٌ لِنَصِّ الْأُمِّ هُوَ الْمَرْدُودُ بِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي مُدَّعَاهُ، وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَهُوَ مَحْمُولٌ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْبُغَاةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ فِي هَذَا الصَّوْمِ التَّبْيِيتُ وَالتَّعْيِينُ، فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْهُ لَمْ يَصِحَّ، وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الصَّوْمِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَا يَجِبُ هَذَا الصَّوْمُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ، لَكِنْ لَوْ فَاتَ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ، إذْ وُجُوبُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ وَهُوَ أَمْرُ الْإِمَامِ وَالْقَصْدُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ لَا مُطْلَقًا، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ لَا تَفُوتُ بِالسُّقْيَا بَلْ تُفْعَلُ شُكْرًا كَمَا مَرَّ، أَفْتَى بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَدُلُّ لِوُجُوبِ مَا مَرَّ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا لَمْ يُخَالِفْ حُكْمَ الشَّرْعِ. وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنَدُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الصَّوْمُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَهْلًا لِلْخِطَابِ وَقْتَ الْأَمْرِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ بَعْدَ الْأَمْرِ هَلْ يَجِبُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَهُوَ) أَيْ نَصُّ الْأُمِّ مَحْمُولٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِ: أَيْ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ) كَأَنْ يَقُولَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّتْهُ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ وَالْإِمَامُ فَهُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ، وَلَا وَجْهَ لِفَسَادِهِ وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ لِعَدَمِ امْتِثَالِ أَمْرِ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا وَلَمْ يُبَيِّتْ الْمَأْمُورُ النِّيَّةَ ثُمَّ نَوَى نَهَارًا فَهَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِصَوْمٍ مُجْزِئٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَمِثْلُهُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ صَوْمٍ فِيهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اهـ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ أَيْضًا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أُمِرَ قَبْلَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَفْعَلُوا حَتَّى دَخَلَ فَصَامُوا عَنْ رَمَضَانَ ثُمَّ خَرَجُوا فِي الرَّابِعِ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْأَمْرُ فِي رَمَضَانَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ إذْ الصَّوْمُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، قُلْنَا: بَلْ لَهُ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَوْ أَخَّرُوا لِشَوَّالٍ بِأَنْ قَصَدُوا تَأْخِيرَ الِاسْتِسْقَاءِ وَمُقَدَّمَاتِهِ إلَيْهِ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ كَانُوا مُسَافِرِينَ وَقُلْنَا الْمُسَافِرُ كَغَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُمْ الصَّوْمُ عَنْ رَمَضَانَ لِيُجْزِيَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ الْفِطْرُ وَإِنْ جَازَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا عَنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُ صَوْمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الصَّوْمِ) قَضِيَّةُ كَوْنِ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فِي نِيَّتِهِ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ، إلَّا أَنْ يَحْمِلَ وُجُوبَ التَّعْيِينِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثُمَّ صَوْمُ غَيْرِهِ وَاجِبًا وَعَدَمُ التَّعْيِينِ عَلَى خِلَافِهِ، أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا نَوَى النَّذْرَ مَثَلًا وَالِاسْتِسْقَاءَ. وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا لِفَوَاتِ الْمَعْنَى الَّذِي طَلَبَ لَهُ الْأَدَاءَ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ نَحْوَ قَضَاءٍ أَثِمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ امْتِثَالُهُ بَاطِنًا كَمَا تَقَرَّرَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَوَى هُنَا الْأَمْرَيْنِ اُتُّجِهَ أَنْ لَا إثْمَ لِوُجُودِ الِامْتِثَالِ وَوُقُوعُ غَيْرِهِ مَعَهُ لَا يَمْنَعُهُ (قَوْلُهُ بَذْلًا لِطَاعَتِهِ) أَيْ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَذْلُ الطَّاعَةِ لِنَفْسِهِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ فَاتَ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ) وَفِي فَتَاوَى حَجّ وُجُوبُ الْقَضَاءِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَفِي شَرْحِهِ الْجَزْمُ بِمَا يُوَافِقُ كَلَامَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَضَاءَ) أَيْ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَقَوْلُهُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ: أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ) هَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ الْمُبَاحِ إذَا أَمَرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ حُكْمَ الشَّرْعِ. وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَنَّهُ يُنَاقِضُ كَلَامَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: وَقَضِيَّةُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ) فِي حَوَاشِي الشَّيْخِ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادِيِّ نَقْلًا عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِهِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ صَوْمُهُ عَنْ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ إفْتَاءِ الرَّمْلِيِّ لَمْ أَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute