للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَتُوقَفُ الْبَهَائِمُ مَعْزُولَةً عَنْ النَّاسِ، فَقَدْ وَرَدَ «لَوْلَا بَهَائِمُ رُتَّعٌ وَشُيُوخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» وَالْمُرَادُ بِالرُّكَّعِ مَنْ انْحَنَتْ ظُهُورُهُمْ مِنْ الْكِبَرِ، وَقِيلَ مِنْ الْعِبَادَةِ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَوْلَادِهَا لِيَكْثُرَ الصِّيَاحُ وَالضَّجَّةُ فَيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ، نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ وَأَقَرَّهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُسَنُّ إخْرَاجُهَا وَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ.

(وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ) ، أَوْ الْعَهْدِ (الْحُضُورَ) أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرْزِقُونَ وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ، وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا. قَالَ تَعَالَى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [القلم: ٤٤] (وَلَا يَخْتَلِطُونَ) أَيْ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ الْكُفَّارِ (بِنَا) ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا سَبَبَ الْقَحْطِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] وَفِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا: لَا أَكْرَهُ مِنْ إخْرَاجِ صِبْيَانِهِمْ مَا أَكْرَهُ مِنْ خُرُوجِ كِبَارِهِمْ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ وَلَكِنْ يُكْرَهُ لِكُفْرِهِمْ، نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ لَهُ، لَكِنْ عَبَّرَ بِخُرُوجِ صِبْيَانِهِمْ بَدَلَ إخْرَاجِهِمْ، وَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِإِخْرَاجِهِمْ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُمْ لَا تُكْرَهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ. قَالَ: أَعْنِي الْمُصَنِّفَ وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي كُفْرَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ إذَا مَاتُوا، فَقَالَ الْأَكْثَرُ إنَّهُمْ فِي النَّارِ، وَطَائِفَةٌ لَا نَعْلَمُ حُكْمَهُمْ، وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ، وَتَحْرِيرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَوَاشِي قِيلَ اسْمُهَا حَرَمًا، وَقِيلَ طَافِيَةٌ، وَقِيلَ شَاهِدَةٌ، وَكَانَتْ عَرْجَاءَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ) لَكِنْ لَا يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا فِي غَيْرِ الِاسْتِسْقَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَهْدِ) أَيْ أَوْ الْمُؤْمِنِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ) أَيْ لَا يُطْلَبُ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَخْتَطِلُونَ بِنَا أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مَنْعُهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ فِي يَوْمِنَا، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ إلَخْ، الْغَرَضُ مِنْهُ حِكَايَةُ قَوْلٍ مُقَابِلٍ، لِمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجِيبُهُمْ اسْتِدْرَاجًا) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا يَجُوزُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ: أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [الرعد: ١٤] اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَجَابُ لَهُ اسْتِدْرَاجًا كَمَا اُسْتُجِيبَ لِإِبْلِيسَ فَيُؤَمَّنُ عَلَى دُعَائِهِ هَذَا، وَلَوْ قِيلَ: وَجْهُ الْحُرْمَةِ أَنَّ فِي التَّأْمِينِ عَلَى دُعَائِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَغْرِيرًا لِلْعَامَّةِ بِحُسْنِ طَرِيقَتِهِ لَكَانَ حَسَنًا، وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ: وَبِهِ أَيْ بِكَوْنِهِمْ قَدْ تُعَجَّلُ لَهُمْ الْإِجَابَةُ اسْتِدْرَاجًا يَرُدُّ قَوْلَ الْبَحْرِ يَحْرُمُ التَّأْمِينُ عَلَى دُعَاءِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ اهـ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَخْتِمُ لَهُ بِالْحُسْنَى فَلَا عِلْمَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ عَلَى كُفْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إطْلَاقُهُ بَعِيدٌ، وَالْوَجْهُ جَوَازُ التَّأْمِينِ بَلْ نَدْبُهُ إذَا دَعَا لِنَفْسِهِ بِالْهِدَايَةِ وَلَنَا بِالنَّصْرِ مَثَلًا وَمُنِعَهُ إذَا جَهِلَ مَا يَدْعُو بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو بِإِثْمٍ: أَيْ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ.

[فَرْعٌ] فِي اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ خِلَافٌ اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر الْجَوَازَ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مَعَ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ التَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ. نَعَمْ إنْ أَرَادَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ أَسْلَمَ أَوْ أَرَادَ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ سَبَبُهُ وَهُوَ الْإِسْلَامُ ثُمَّ هِيَ فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا بِالْجَوَازِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِالتَّعْظِيمِ وَإِلَّا امْتَنَعَ خُصُوصًا إذَا قَوِيَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى تَعْظِيمِهِ وَتَحْقِيرِ غَيْرِهِ كَأَنْ فَعَلَ فِعْلًا دَعَا لَهُ بِسَبَبِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْعَرَ بِتَحْقِيرِ ذَلِكَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ أَقَلُّ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالذُّنُوبِ مَا يُعَدُّ ذَنْبًا فِي الشَّرْعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ خِطَابٌ لِلصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، بَلْ وَبِالْكُفْرِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ، وَعَدَمُ تَكْلِيفِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ اتِّصَافِهِ بِفِعْلِ الْقَبِيحِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي) مُعْتَمَدَ (قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ) عِبَارَةُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى: سُئِلَ نَفْعُ اللَّهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ حِكَايَةِ الْبَغَوِيّ لَهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَيْضًا، لَكِنْ عَبَّرَ بِخُرُوجِ صِبْيَانِهِمْ بَدَلَ إخْرَاجِهِمْ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ أَيْضًا وَهُوَ مُؤَوَّلٌ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>