[تفسير قوله تعالى:(وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا)]
قال الله تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}[البقرة:١٤] هذا القول ظاهره أنه بينهم وبين أصحابهم {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:١٤] مستهزئون بأهل الطاعات، قال الله يرد عليهم:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}[البقرة:١٥] أي: يخذلهم ويتركهم على حالهم دون نصير، وهذا قمة الاستهزاء بهم؛ لأنه يجعلهم يتمادون، ومعنى {يَعْمَهُونَ}[البقرة:١٥] أي: يترددون ويتمادون في طغيانهم ويمدهم في طغيانهم حتى ينتهي بهم الأمر، قال الله:{وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}[القمر:٣] متى ينتهي بهم الأمر؟ ينتهي بهم الأمر في جسر جهنم عندما يتساقطون ويقولون للمؤمنين:{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}[الحديد:١٣]، حينئذ يكشف الأمر كله، ويرفع الحجاب حقيقةً، ويعلمون من كان مستهزئاً بالآخر.