للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولو ترى إذ وقفوا على النار)]

نعود فنقول: قال الله: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام:٢٦] ثم قال الله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام:٢٧].

(لو) تحتاج إلى فعل وإلى جواب شرط، ولكن الله جل وعلا هنا لم يذكر الجواب، حيث قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام:٢٧]، فحذف الله تعالى الجواب مبالغة في تعظيمه، يعني ولو ترى لرأيت أمراً عظيماً شنيعاً يحل بهم.

فقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى} [الأنعام:٢٧] أي: بعين البصر {إِذْ وُقِفُوا} [الأنعام:٢٧] أي: حبسوا {عَلَى النَّارِ} [الأنعام:٢٧] أي أهل الإشراك {فَقَالُوا} [الأنعام:٢٧] حينما يرون النار {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام:٢٧] والسؤال هنا: هل قالوا ذلك عن اعتقاد وتوبة وخلوص نية أم لا؟ لقد اتفق العلماء على أنهم لم يقولوه عن توبة وخلوص نية واعتقاد، بدليل أن الله جاء بـ (بل) بعدها، و (بل) للإضراب، والإضراب هو الانتقال، فقال الله بعدها: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ} [الأنعام:٢٨] أي الشيء الذي أنكروه وكفروا به -وهو النار- ظهر لهم عياناً.