ثم قال الله جل وعلا:{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}[الأنعام:١٤٢]، الحمولة من الأنعام هي ما يركب عليه كالخيل والبغال والإبل، وأما الفرش فقال ابن جرير رحمه الله: إنه الغنم، ووجه تسميتها فرشاً عند ابن جرير هو دنوها من الأرض.
ونقل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أحد المفسرين من السلف أن الحمولة ما اتخذ للركوب، والفرش من بهيمة الأنعام ما اتخذ للأكل والحلب.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى معقباً على قول عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: وهذا القول يشهد له ظاهر القرآن.
وذلك في قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}[يس:٧١ - ٧٢]، فالآيتين من سورة (يس) تشهدان بقوة لما ذهب إليه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من أن الحمولة ما اتخذ للكوب أياً كان، والفرش ما اتخذ للأكل والحلب.
يقول الله تعالى:{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}[الأنعام:١٤٢]، أي: كما أنه جل وعلا أنشأ الجنات، فليس لكم حق في حجرها على أحد؛ كذلك أنشأ الأنعام وخلقها، فليس لكم حق في حجرها على أحد.
قال تعالى:{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}[الأنعام:١٤٢]، فلا يُجهَل تحريم ما أباحه الله جل وعلا من الطيبات لعباده.