بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد ولياً مرشداً، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أراد ما العباد فاعلوه، ولو عصمهم لما خالفوه، ولو شاء أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فهذا درس يتبع ما سبق من النظر والتأمل في كلام الله جل وعلا في سورة الأنعام تحديداً، وكنا قد انتهينا إلى قول ربنا تبارك اسمه وجل ثناؤه:{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}[الأنعام:١٤٢].
هاتان الآيتان على وجه التحديد يلتبس معناهما على الناس كثيراً، خاصة إذا قرئتا في صلاة التراويح؛ لأن فيهما بعض الألفاظ غير الواضحة للعامة، ولكنها -بلا شك- واضحة لطلاب العلم؛ لأن هذا وعد قرآني، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر:١٧].
وكلمة (زوج) في اللغة تطلق على الفرد الذي هو متعلق بغيره، ولا يقصد بالزوج التثنية ابتداء، فقول الله جل وعلا:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}[الأنعام:١٤٣] ليس المقصود منه أن العدد ستة عشر، فالإشكال يأتي في فهم هذه الآية إلى الناس عندما يقرءون أو يتلى عليهم قوله تعالى:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍَ}[الأنعام:١٤٣]، فيظنون أن العدد ستة عشر، وكذلك في قوله تعالى:{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ}[النجم:٤٥]، فيفهم بعض الناس أنها أربعة، وقد قال جل وعلا بعدها:{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:٤٥]، فالذكر وحده لارتباطه بالأنثى يقال له زوج، والأنثى وحدها لارتباطها بالذكر يقال لها زوج.
ففي الإبل يقال للجمل: زوج؛ لأنه لابد له من ناقة، والناقة يقال لها: زوج؛ لأنها لابد لها من جمل، فهذا أمر مهم في العبور إلى فهم الآية.
أما الآية من حيث العموم فقد قال الله تعالى قبلها:{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا}[الأنعام:١٤٢]، فهذا إجمال، ثم فصل بعد ذلك.