للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الميسر وصورته وبيان ضرره]

فحديثي هذا كله حول الخمر، وبقينا في الميسر، والميسر مشتق من أحد أمرين: إما مشتق من اليسر وهو السهولة، وهذا بسبب أنهم يحصلون على المال من غير كد ولا تعب، وهي مغامرة يأتي بها فينجم عنها مال.

وإما مشتق من اليسار وهو الغنى، أي: أنه يغنى بعد فقر، والمعاني متقاربة جداً.

والقرشيون لهم طرائق عدة في الميسر، وقد نشأت كلمة الميسر كما يلي: الياسر في اللغة هو الجزار الذي يذبح الجزور، فيأتون بالجزور فيذبحونه ويجعلونه ثمانية وعشرين قسماً، والآن سندخل في الرياضيات فمهم أن تفهم ذلك، ثم يأتون بكيس، وهذا الكيس يضعون فيه عشرة أقداح، وهي على هيئة أعواد، وكل قدح من هذه الأقداح له اسم، فسبعة منها تعمل وثلاثة لا تعمل، أي: سبعة فيها حظ، وثلاثة لا يجعلون فيها حظاً، فيسمون التي ليس فيها حظ غفلاً، ويسمونها الوغد والسفيح والمنيح، والسبعة سآتيك بأسمائها، ثم يضعون العشرة في هذا الكيس ويخلطونها، ثم يأتون برجل أمين فيقول مثلاً: هذا حظ عبد الرحمن ويأخذ قدحاً، فإذا طلع يقرؤه فإن كان سفيحاً أو منيحاً أو وغداً فلا يأخذ شيئاً، وليتهم يقفون عند هذا الحد، فإنه لا يأخذ شيئاً وعليه قيمة شراء الجزور، والسبعة الباقون يأخذون نصيبهم.

والأقداح السبعة يسمون أحدها الفذ، ويأخذ واحداً، والثاني يسمونه التوأم، ويأخذ اثنين، والثالث يسمونه الرقيب ويأخذ ثلاثة، فيصبح قد ذهب ستة، والرابع يسمونه الحلس ويأخذ أربعة، والخامس يسمونه النافس، ويأخذ خمسة، فيصير المجموع خمسة عشر، والسادس يسمونه المسبل، ويأخذ ستة، فيصير المجموع واحداً وعشرين.

والسابع يسمى القدح المعلى، فالناس إذا مدحوا أحداً يقولون: له القدح المعلى، ويأخذ سبعة، فتصير مع واحد وعشرين ثمانية وعشرين، انتهت كلها، ولهذا تسمع في التعبيرات الأدبية: أن فلاناً له القدح المعلى، أي: أوفر أهل الميسر حظاً، فهذه نشئت فكرة الميسر، وفي اللقاء القادم إن شاء الله تعالى نكمل الارتباط ما بين الخمر والميسر، والحد الذي في الخمر، والتعزير الذي في الميسر بإذن الله تعالى، والله تعالى أعلم.

وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.