هنا نستشهد بقول لـ ابن القيم رحمه الله، والكلام إذا كان نفيساً حسن أن يستشهد به، بصرف النظر عن قائله، فإذا كان قائله قد عرف فضله وإمامته زاد ذلك الأمر قبولاً عندك وعند الناس.
قال ابن القيم رحمه الله: الله جل وعلا من أسمائه النور، ومن أوصافه النور، وحجابه النور، وكتابه نور، وشرعه نور، ورسوله نور، والجنة التي وعدها عباده نور يتلألأ.
وقال العلامة ابن سعدي رحمه الله في تفسيره: نور السماوات والأرض حساً ومعنىً، فالذين اهتدوا اهتدوا بنور الله، والأرض والسماوات إنما تشرقان بنور الله، واستنار بنور الله كل شيء حتى العرش وأركان العرش، فالله جل وعلا نور السماوات والأرض حساً ومعنىً.
ثم ضرب الله المثل، وقد جرت العرب في كلامها على أن تضرب الأمثال، فأصابت ثلاثة أمور: إصابة المعنى، وإيجاز اللفظ، وحسن التشبيه.
وبتعبير أصح: نالت العرب بالأمثال أموراً ثلاثة: على أن من أصل العرب في كلامها أنها إذا قالت المثل لا ترى أن أحداً يملك الحق في تغييره، فالمثل يقال كما قيل أول مرة، كمثل:(الصيف ضيعت اللبن) فهذا المثل يقال بهذه الطريقة خاطبت به ذكراً أو خاطبت به أنثى، خاطبت به فرداً أو خاطبت به مثنى أو خاطبت به جماعة، ويقولون: إن أصله أن امرأة كانت تحت رجل طاعن مسن، ولكنه كان ذا مال، فأصرت عليه أن يطلقها، فطلقها في الصيف، فتزوجها شاب من بني قومها، ولكنه كان فقيراً، فذات يوم أمسيا هي وزوجها فقيرين، فرغبت في اللبن، فبعثت إلى زوجها الأول تطلبه لبناً، فلما وصل المبعوث المرسول إلى الزوج الأول قال له: إن فلانة تطلبك لبناً، فأجابه:(الصيف ضيعت اللبن)؛ لأن الطلاق كان في الصيف.
فأياً كان المثل فإنه يقال كما هو، والعرب لها أمثالها، والله جل وعلا ساق الأمثال في القرآن، وقال في خاتمة هذه الآية:{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النور:٣٥].
وقد ضرب الله أمثلة كثيرة في القرآن، وقال جل وعلا:{إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}[البقرة:٢٦].