[بيان معنى قوله تعالى (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم)]
قال تعالى:{قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا}[الأنعام:٣١] أي: قصرنا فيها {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}[الأنعام:٣١]، والمقصود بالأوزار الذنوب اتفاقاً، وعبر الله عنها بأنها تحمل على الظهر لأن العرب تسند كل شيء من الأفعال إلى بعض الجوارح، فالكسب يسندونه إلى اليد، كما قال تعالى:{فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[الشورى:٣٠]، والحمل يسندونه إلى الظهر، ولهذا قال الله:{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ}[الأنعام:٣١]، فإذا كان مكشوفاً قيل له: حمل بكسر الحاء، وإذا كان مخفياً قيل له: حَمل بفتح الحاء، فالجنين في بطن أمه لا يرى، فيقال له: حمل؛ لأنه شيء مخفي، والرطب إذا كان في أكمامه يقال له: حمل؛ لأنه لا يرى، فإذا كان الحمل ظاهراً يقال له:(حِمل)، ومنه قوله تعالى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ}[يوسف:٧٢]؛ لأنه شيء ظاهر على متن الدابة.