للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة)]

قال الله جل وعلا بعدها: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة:٢١١] السؤال هنا ليس المقصود منه الاستفهام، وإنما الإقرار، وبنو إسرائيل هم ذرية يعقوب، فإسرائيل هو يعقوب، وهو ابن لإسحاق، وإسحاق ابن لإبراهيم، ويعقوب وأبوه إسحاق وجده إبراهيم دل القرآن على التلازم فيما بينهم قال الله: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} [ص:٤٥] ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الكريم ابن الكريم قال: (يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)، وهذا نسب تليد في المجد، نبي ابن نبي ابن نبي ابن خليل الله، وهذا لم يعطاه أحد فيما نعلم.

{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ} [البقرة:٢١١] (كم) خبرية وليست استفهامية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما هي الآيات التي جاءت بني إسرائيل، وهو لا يريد منهم أن يجيبوه، بل يريد أن يقررهم على ما وقعوا فيه.

{كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة:٢١١] وتنقسم إلى قسمين: آيات قدرية كونية، وآيات شرعية، فالآيات الشرعية في المقام الأول: التوراة، وفي الآيات القدرية الكونية انفلاق البحر؛ لأنه أمر قدري.

والله جل وعلا أخبر أن آتى موسى تسع آيات؛ ليقيم بها الحجة على فرعون وآله، فتكون تأييد له وللمؤمنين الذين معه، وحجة على من معه، وهذه التسع من باب الاستطراد هي حسب ترتيب ظهورها: العصا، واليد، والسني، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، هذه أربع.

ثم قال جل وعلا: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ} [الأعراف:١٣٣] وهذه خمس ومضت أربع فأصبحت كلها تسع.

{وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ} [البقرة:٢١١] أظهر ما قيل: المقصود بها الإسلام.