للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله)]

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شعار ودثار ولواء أهل التقوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فقد انتهينا في الدرس الماضي إلى قول الله تبارك وتعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الأنعام:١١]، وقلنا: إن السير يكون سير اعتبار إذا كان بالأبدان والقلوب، ثم قال الله جل وعلا: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام:١٢ - ١٣].

قلنا في درس سبق: إن السورة تتبع أسلوب التلقين والتقرير، ومن أساليب التقرير السؤال والجواب، فالله يقول لنبيه: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأنعام:١٢]، أي: سل هؤلاء، والجواب تكفل الله به؛ لأنهم سيجيبون به حتماً، ولكنهم سيمتنعون عن الإجابة حتى لا يقعوا في لوازمها، فقال الله جل وعلا: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأنعام:١٢]، واللام هنا لام الملك المطلق، قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ} [الأنعام:١٢]، فاللام هذه -وإن كانت جارة في الصناعة النحوية- هي لام الملك.