ثم قال ربنا تبارك وتعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[النور:٣٠].
انتقل الخطاب في تأديب العباد إلى مرحلة أعلى، فقد منعنا ربنا من دخول البيوت من غير استئذان، ثم حرم النظرة المحرمة، وقد قيل: وكنت متى أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر رأيت الذي لا أنت كله قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر والمقصود أن النظرة سهم من سهام إبليس، فأراد الله أن يؤدب عباده فقال:(قل) أي: يا محمد (للمؤمنين) الممتثلين لأمر ربهم (يغضوا من أبصارهم)، وما قال:(ويحفظوا فروجهم).
فما شرعه الله لك وأباحه أن تراه أكثر مما حرم الله عليك أن تراه، فالمحرم العورات، ولكن النظر إلى غير العورات جائز.
وأما الفروج فالأصل فيها أنها حرام، فما أباحه الله لنا من الفروج أقل مما حرمه علينا، فلهذا قال:(ويحفظوا فروجهم).