ثم قال الله جل وعلا:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}[الكهف:٤٥].
المقصود من الآية جملة: أن يبين الله لك أن الله جل وعلا قادر على كل شيء أن يبدءه ويثنيه ويعيده سبحانه وتعالى.
فالله قادر على الإحياء والإفناء، والإعادة، ضرب الله لهذا مثلاً قال:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الكهف:٤٥] التي يتعلقون بها، {كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ}[الكهف:٤٥] شيء محسوس، لا يستطيع أن يكابر في رده أحد، {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا}[الكهف:٤٥] بعد أن قام على سوقه، {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}[الكهف:٤٥] وهذا معنى قول الله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}[الكهف:٤٥] فبهذا المثال يبين الظاهر الواضح المحسوس لكل أحد يبين لك ربك كمال قدرته، وجلال عزته، وعظيم قدرته على الخلق والإفناء والإعادة سبحانه وتعالى.
هذا ما يمكن أن يقال في هذا اللقاء المبارك في هذه الآيات المجزوءة من سورة الكهف التي بينا في أولها قضية قول الله جل وعلا في المشيئة وأقوال العلماء في الاستثناء، ثم ذكرنا ما بينه ربنا تبارك وتعالى من قصة الرجلين المتحاورين: مؤمن صابر، وكافر غني ذو كبر وأشرة، وما حصل بينهما من نزاع، وما انتهى الأمر إليه من ولاية الله جل وعلا لأوليائه المتقين، استجابة الله جل وعلا لدعوة ذلك العبد على من حاوره وقارنه، ثم بينا مثل الحياة الدنيا الذي بينه الله جل وعلا، وهذه الآية الأخيرة سنبدأ بها إن شاء الله تعالى لارتباطها بما بعدها في اللقاء المقبل إن شاء الله تعالى.
هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده، والله المستعان وعليه البلاغ.
وصلى الله على محمد وعلى آله والحمد لله رب العالمين.