يقول تعالى في حد القذف:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور:٤]، ولا يمكن أن يغير هذا الحد الشرعي، فجعل الله حد القذف ثمانين جلدة، وجعل حد الزنا مائة جلدة.
والمحصنات: العفيفات، وليس ذكر النساء هنا المقصود منه الحصر، فقذف الرجال كقذف النساء، وقذف المحصنين كقذف المحصنات، ولكن لما كان الغالب أن القذف يقال في حق النساء ذكرهن الله تعالى هنا دون الرجال، فإن حاجك أحد في أن الرجال لم يذكروا فقل له: أجمعت الأمة على أن الرجال داخلون في ذلك، وإذا أجمعت الأمة فلا سبيل إلى نقض ذلك الإجماع.
ولهذا فإن من العلم إذا أردت أن تبحث ألا تبحث في مسألة أجمع الناس عليها، ولكن انظر في مسائل الخلاف فلعلك تجد دليلاً ترجح به قولاً تختاره، أما ما اتفق الناس عليه فليس بمجال بحث أبداً؛ إذ لا تجتمع الأمة على ضلالة، خاصة إذا كان الإجماع مشتهراً معروفاً مقرراً.
فالإجماع منعقد على أن القذف يقع في حق الرجل كما يقع في حق المرأة، وإن لم يسم الله الرجل.
على أن بعض أهل التأويل يقول:(المحصنات) هنا ليس المقصود بها النساء، وإنما المراد المحصنات من الأنفس رجالاً ونساء.
وهذا تخريج جيد، ولو فرضنا بعدم قبوله فإننا محكومون بالإجماع الذي حررناه من قبل.