تفسير قوله تعالى:(وربك الغفور ذو الرحمة لمهلكهم موعداً)
قال الله:{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}[الكهف:٥٨].
هذا توطئة لما بعدها والذي بعد لو قوله:{لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ}[الكهف:٥٨].
فهم حري بهم أن يعجل لهم العذاب، لكن من أسباب عدم تعجيل العذاب لهم أن الله رب غفور ذو رحمة:((لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ))، ثم جاءت:((بَلْ))، وهي للإضرار الانتقالي، انتقال ذي الخطاب:((بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ))، زماناً ومكاناً، الزمان: يوم القيامة ما والمكان: أرض المحشر، لكن المقصود هنا الزمان، وهذا أقرب.
{بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}[الكهف:٥٨]، (موئل) بمعنى: لجأ، فموئل بمعنى: ملجأ: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}[الكهف:٥٨]، أي: لن يجدوا ملجئاً يفرون إليه عن ذلك الموعد، سواء قلنا أنه مكاني أو زماني، وبينهما تلازم؛ لأن الزمان لا بد له من مكان يكون فيه، والمكان لا بد له من زمن يقع الحدث فيه.
{وَتِلْكَ الْقُرَى}[الكهف:٥٩]، عائد على الأمم السابقة: عاد وثمود وغيرها.
{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا}[الكهف:٥٩]، أي: حين ظلمهم.
{وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}[الكهف:٥٩]، أي: جعلنا لمهلكهم موعداً معيناً مخصوصاً محدداً، ولما جاء ما كان لهم أن ينجوا منه، قال الله جل وعلا:{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}[الشعراء:٢٠٥ - ٢٠٧].