قال ربنا:{اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النور:٣٥] وقد بينا قضية المثل في القرآن، وأن الله جل وعلا ذكره في أكثر من آية من كتابه، ولما كانت الحاجة داعية إلى معرفة مظان هذا النور قال الله بعدها:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}[النور:٣٦].
وبعض العلماء جعل قوله:{فِي بُيُوتٍ}[النور:٣٦] معلقاً بالمشكاة، وتكلم عن المصابيح، ثم قال: إن هذا الكلام منتقض تاريخياً؛ لأن نسل النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن فيه مصابيح، وهذا كله نرى أنه لا حاجة لنا إليه، فالآية تتكلم عن نور الهداية، ولهذا قال الله:{يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}[النور:٣٥].
فإذا كان الإنسان بعد ذلك قد رغب فيما عند الله وعلم أن الله هو الهادي حق له أن يبحث عن الأمكنة التي يجد فيها نفحات الله ونوره وهدايته، فقال الله جل وعلا:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}[النور:٣٦] وهي المساجد.
وبعض العلماء يقولون: إن كلمة (بيوت) محصورة في المساجد الأربعة التي بناها الأنبياء، وهي المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي، ومسجد قباء.
فهذه الأربعة بناها الأنبياء، والصواب أن يقال: إن الأمر على إطلاقه، فالمساجد كلها بيوت الله، سواء بناها الأنبياء أو بناها غيرهم.