للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان معنى قوله تعالى (وهو يطعم ولا يطعم)]

قال الله جل وعلا: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام:١٤] فهو يطعم ولا يطعم، وهذا من ثناء الله على ذاته العلية، وأعظم ما في القرآن ثناء الله على نفسه، ولا يوجد شيء يرقق القلوب أعظم من أن تقرأ ثناء الله على نفسه؛ لأنه لا أحد أعلم بالله منه.

والله يقول: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه:١١٠] وهنا يثني على نفسه بقوله: (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ)؛ لأن الله غني عن ذلك.

وقد يقول قائل: إن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون! والجواب أن ذلك جبله خلقهم الله عليها، أما الله تبارك وتعالى فهو غني منزه عن مثل هذا، ولا نقول في حق الملائكة: إن الملائكة منزهون عن الأكل والشرب.

بل نقول: إن الله جبلهم على ألا يطعموا، ولكن في حق الله جل وعلا نقول: الله جل وعلا مقدس منزه عن الصاحبة وعن الولد وعن أن يُطعم، وهو مع ذلك جل وعلا الرزاق ذو القوة المتين، كما قال جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٦ - ٥٨].