[تفسير قوله تعالى:(ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض)]
ثم قال الله جل وعلا وهذا التفات في الكلام:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ}[الزخرف:٩] أي: يا نبينا! واللام هنا ممهدة للقسم، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ}[الزخرف:٩] أي هؤلاء الذين يجادلونك، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:٩].
ظاهر الأمر -والعلم عند الله- أنهم سيقولون: خلقهن الله، لكن الله جل وعلا ذكر جوابهم بالمعنى لا باللفظ، فيبعد أن يقول القرشيون:{خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:٩]، لكنهم معترفون أن الله جل وعلا هو الخالق الرازق، وقد مر معنا أن القرآن يقوم على إثبات أن الله جل وعلا وحده هو الخالق، وبمقتضى هذا الإثبات يجب ألا تصرف العبادة لغيره تبارك وتعالى.
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:٩]، ثم قال ربنا:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا}[الزخرف:١٠]، فالاسم الموصول (الذي) هذا من كلام الله ليس من جواب القرشيين، وإنما حكى الله الجواب بالمعنى دون اللفظ في قوله سبحانه:{لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[الزخرف:٩]؛ تمهيداً لما سيأتي بعده.
وهذا الصنف من الآيات من أعظم ما في القرآن، وقد مر معنا أن القرآن كله عظيم لكن أعظم ما في القرآن حديث الله عن ذاته العلية، فهذا مندرج في حديث الله عن ذاته العلية.