للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمارة المساجد بالبناء]

قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور:٣٦] نبه الله جل وعلا على أمرين: عمارتها مادياً وعمارتها معنوياً.

فعمارتها مادياً بتشييدها وبنائها وحفظها عما يضر بها.

وعمارتها معنوياً بإقامة ذكر الله جل وعلا فيها، والثاني هنا أشرف من الأول، وفي كل خير، ففي الحديث: (من بنا لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة).

وأول بيت وضع في الأرض المسجد الحرام، ثم المسجد الأقصى، وجدده -أي: المسجد الأقصى- سليمان بن داود عليه السلام، وتزعم إسرائيل اليوم أن تحته هيكل سليمان.

ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فدخل المدينة من جهة الجنوب بنى مسجد قباء في بني عمرو بن عوف، فكان أول مسجد أسس في الإسلام، ثم أتى بطن المدينة فبنى مسجده عليه الصلاة والسلام، ولم تكن تقام الجمعة إلا في المسجد النبوي، ثم جاءه عليه الصلاة والسلام وفد من الأحساء من هجر ثم ارتحلوا عنه، فصلوا الجمعة في محافظة في الأحساء تسمى جواثا.

وكثير من الفقهاء على أن ثاني جمعة أقيمت في الإسلام أقيمت في جواثا، لأنه لم تكن تقام الجمعة إلا في المدينة في مسجده صلى الله عليه وسلم، وأقيمت بعد ذلك في جواثا في الأحساء، وقد مررت بها، ولكن لم يتيسر لي أن أدخلها، وهي ديار علم وفضل، يقول أهلها يفتخرون: والمسجد الثالث الشرقي كان لنا والمنبران وفصل القول في الخطب أيام لا مسجداً لله نعرفه إلا بطيبة والمحجوج بالحجب يقصدون المسجد الحرام.

والمقصود من هذا تفصيل تاريخي عام عن المساجد في الأرض، ثم بنيت لله جل وعلا مساجد في كل مكان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجداً) وهذا دعوة صريحة صحيحة لأهل الخير والفضل للتسابق في بناء المساجد.