للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من ارتد ثم آمن فما حكم عمله في حال الإسلام الأول؟]

ثم قال جل وعلا: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢١٧]، والكلام عن الردة قد لا يتسع له الوقت لكن نتكلم عنه إجمالاً؛ حتى يستفيد الناس، فإذا كان هناك مؤمن قد ارتد فإن بقي على ردته حتى لاقى الله فلا خلاف أنه في النار خالد مخلد فيها، لكن الإشكال لو أنه ارتد ثم آمن فهل عمله الأول يحبط أو لا يحبط؟ فمن قال: إنه يحبط استدل بقول الله جل وعلا: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:٦٥].

ومن قال: إنه لا يحبط احتج بقول الله جل وعلا بالقيد: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة:٢١٧]، قالوا: فهذا عائد للإيمان، وأثر الخلاف في المسألة لو أن رجلاً آمن وحج، ثم ارتد، ثم آمن فهل يطالب بالحج أو لا يطالب؟ فمن قال: إن المطلق يحمل على المقيد قال: إن حجه الأول لا يحبط؛ لأنه لم يمت على الكفر، ومن قال: لم يحمل المطلق على المقيد جعله كأنه لم يحج، وألزمه بالحج بناء على أن الله قال: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:٦٥]، وقوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة:٥].

والذي أختاره -والعلم عند الله- أنه لا يطالب بالإعادة، لكن لا أجر له على ما قد مضى؛ جمعاً بين الأدلة؛ لأنه أحبط أجره بالكفر، لكنه لا يطالب بالإعادة؛ لأنه عاد إلى الإيمان ولم يمت على الكفر، لخصتها إجمالاً مراعاة للوقت.

هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده، وأعان الله على قوله، شكر الله لكم، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.