للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)]

قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة:١٩٩]، وهذه فيها إشكالات كبرى، لكن جملة ما يقال: ما المقصود بالناس هنا؟ بعض أهل العلم يرى: أن الناس معهود ذهني والمقصود خليل الله إبراهيم وابنه إسماعيل، أي: اصنعوا صنيعهما، قالوا: ويبعد أن يأمر الله المؤمنين بتتبع أحوال قريش في جاهليتها، يعني: لو قلنا: إن الناس المقصود بها العرب غير قريش؛ لأن الناس أصلاً لا يذهبون إلى عرفة، فهذا بعيد، فيحمل الناس على إبراهيم وابنه.

{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:١٩٩] وفي قوله جل وعلا (واستغفروا الله) دلالة إيمانية على أن الإنسان لا يركن إلى عمله، وأنه يبقى مقصراً على كل حال، قال الله عن قوم سبأ: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ:١٥]، لكن ليس معنى ذلك أنهم خالين من القصور؛ لذلك قال بعدها: (ورب غفور)؛ ليشعر أن هؤلاء وإن مدحوا بأنهم بلدة طيبة إلا أنه يقع منهم الذنوب والخطايا.

وهنا قال الله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:١٩٩]، وقد جرت سنة الله في شرعه أن كثيراً من عظائم العبادات تتبع بالاستغفار، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته قال: (أستغفر الله ثلاثاً).