[الكلام على تفسير قوله تعالى:(الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ثم الذين كفروا بربهم يعدلون)]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى, وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
فهذه أوبة حميدة وعودة مباركة بإذن الله لبرنامجنا ولقاءاتنا الموسومة: بمحاسن التأويل، والتي مضت السنة فيها ولله الحمد والفضل والمنة ونحن نتأمل كلام ربنا جل وعلا، ولا مجلس أعظم ولا ملتقى أشد وأكثر بركة وفضيلة من مجلس وملتقى يتأمل فيه كلام رب العالمين جل جلاله، وقد من الله علينا بفضله ورحمته بالشفاء، وهانحن نعود معكم -أيها المباركون- فنسأل الله جل وعلا ألا يكلنا لأنفسنا طرفة عين، وأن يجعلنا من الشاكرين لنعمته، المثنين عليه تبارك وتعالى.
ونقول: إننا في هذه الأوبة سنشرع في التأمل في سورة الأنعام، وسنأخذها إن شاء الله تعالى في لقاءات تكون أقل وقتاً مما سبق وجرت العادة عليه، فنقول: قال الله جل وعلا وهو أصدق القائلين مستفتحاً سورة الأنعام: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:١].
بداية: سورة الأنعام سورة مكية وقد ذكرنا أن الانطلاقة في الوصول إلى أي غاية تبدأ بالعموم، وعما يقال فيها: إنها سورة مكية تظافرت روايات ليس فيهن رواية لها سند صحيح، لكنها متنوعة الطرائق، ولهذا قبلها المفسرون وهي أن السورة نزلت في مكة جملة واحدة وشيعها سبعون ألف ملك، وهذا لا نجزم به، لكن نقول: أكثر أهل العلم من المفسرين عليه، والصناعة الحديثية لا ينبغي أن تطبق بالكامل في مثل هذا المنحى، ما دمنا لم ننسب ولم نرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً.