وينبغي أن يعلم أنه ينبغي للعقلاء من الرجال أن يعلموا أن القضية الأساسية في جمال المرأة قائمة على حسب ما تكون في عين زوجها، بمعنى أن الإنسان قد لا تكون امرأته ذات جمال يضرب به المثل، ولكن الله جل وعلا يزينها في عينيه، كما أن الله يزينه -ولو لم يكن وسيماً- في عينيها.
وقد كنت أوصي الشباب عند زواجهم بأن يقول المرء منهم: اللهم زيني في عينيها وزينها في عيني، فإنها إذا زينت في عينك زينك الله في عينيها أفلحتما، بصرف النظر عن الأشياء الجمالية البدنية الخلقية، فالجمال له علاقة كذلك بالجمال الروحي، فإن هذا مما يزين صاحبه، ونحن نعلم قصة قيس بن الملوح الذين فتن بـ ليلى العامرية وجن بها حتى هام على وجهه في الصحراء، فكل أهل زمانه يقطعون بأن ليلى هذه لن تكون أجمل نساء الدنيا، ولو كانت أجمل نساء الدنيا لما تركها له الأمراء والملوك وأهل الثراء.
لكن القضية أن الله جل وعلا زين ليلى في عيني قيس، وقد قال في إحدى قصائده التي تسمى المؤنسة: فيا رب إن صيرت ليلى هي المنى فزيني بعينيها كما زينتها ليا وقد خبروني أن تيماء منزل لليلى إذا ما الليل ألقى المراسيا فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت فما للنوى ترمي بليلى المراميا وتيماء ديار معروفة، والليل يلقي مراسيه في الشتاء، إذ يطول فيه، فهو يقول: هذه شهور الصيف عنا قد انقضت، فجاء الليل الطويل، ومع ذلك لم تعد ليلى إلى تيماء.
والمقصود من هذا أن الإنسان بهذه النظرة يفهم الشرع، فلا يأتيك من يأتيك ليزهدك في أهلك أو في فتاة خطبتها أو في قبيلة بعينها، فالقضية هي ما يورثه الله جل وعلا في قلبك من زينة تلك المرأة.
وهنا قال الله جل وعلا:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور:٣٠] لأن هذا واد مهلك، وأنت ترى من حولك ممن يتيه -والعياذ بالله- فيه ويضيع، وليته يغنم شيئاً محسوساً يعقد عليه أنامله؛ لأن هذا أمر لا ينتهي، وقد قال عليه الصلاة والسلام:(ولا يملأ فم ابن آدم إلا التراب)، فهو بطريقته هذه لن ينتهي ولن يبني قلباً خاشعاً ولا لساناً ذاكراً أبداً.
وقوله تعالى:(ويحفظوا فروجهم) اختلف العلماء في المعنى، فقال بعضهم: يحفظونها عن النظر إليها، وقال بعضهم: يحفظونها عن الزنا، والصواب أن يقال: يحفظونها عن الأمرين: عن أن ينظروا إليها، وعن الزنا.