فنحن الآن لسنا بصدد نقض كلامه؛ لأن كلامه منقوض، وليس الإشكال بيني وبينكم في أن كلامه منقوض، لكن جمعاً من المفسرين من علماء الأمة ممن شهد لأكثرهم بالصلاح تبعوه على هذا القول كـ الزمخشري في الكشاف، وابن عطية في (المحرر الوجيز)، والبيضاوي في تفسيره، والثعالبي في تفسيره، وأبي السعود في تفسيره، والألوسي في (روح المعاني)، والمراغي في تفسيره، وسيد قطب رحمة الله عليه في (ظلال القرآن)، فهؤلاء الجمع كثر، وقد قالوا بمثل ما قال به القاضي عبد الجبار -عفا الله عنا وعنهم، وغفر الله لنا ولهم-، لكن ما الذي ينتابك علمياً هنا؟ ينتابك أمران، أو يتنازعك أمران، وهذا كلام مهم جداً علمياً، وأرجو الله أن ينفع به الخلق.
يتنازع في المسألة أمران: الأمر الأول: النصح لدين الله.
والأمر الثاني: معرفة حقوق علماء الإسلام.
أولاً: النصح لدين الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم)، فهذا يجعلك لا يمكن أن تقبل أو تقر قولاً خطأ في دين الله خاصة في الاعتقاد، فلا يمكن أن تقول للناس: هذه مقبولة، ويسع الناس فيها الخلاف، فهذا محال؛ لأن هذا ليس نصحاً لدين الله، وأنت مأمور بأن تنصح لدين الله، ومن النصح لدين الله: أن تبين القول الخطأ، وتبرئ ساحة الدين من الأفكار الدخيلة.