ثم قال تعالى:{وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ}[الأنعام:٣٥] أي: عظم وشق {إِعْرَاضُهُمْ}[الأنعام:٣٥] أي: إعراض أهل الكفر، حيث كانوا يطالبونه بالآيات، فالله يقول له: ليست القضية قضية آيات، فهؤلاء كتب أزلاً أنهم لن يؤمنوا، فقال الله لنبيه:{وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[الأنعام:٣٥].
والنفق: السرب في الأرض، والسلم في اللغة المصعد والمرقاة.
والآية تدلل على عظيم شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته، وحرصه على هداية الناس، فالله جل وعلا يقول له: إن استطعت ذلك فافعل، ولو فعلت فلن يجدي ذلك شيئاً؛ لأن الله قد كتب عليهم الكفر، وهذه الآية مر معنا نظيرها، وهو قوله تعالى:{وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا}[الأنعام:٢٥]، ولكنها تبين حرصه صلى الله عليه وسلم وشفقته بأمته.